وجالوا، وهموا ان يدخلوا الكوفه حتى قيل لهم: إن سويد بن عبد الرحمن في آثارهم قد لحقهم وهو يقاتلهم في الخيل.
قال هشام: وأخبرني عمر بن بشير، قال: لما نزل شبيب الدير أمر بغنم تهيأ له، فصعد الدهقان، ثم نزل وقد تغير لونه، فقال: مالك! قال: قد والله جاءك جمع كثير، قال: أبلغ الشواء بعد؟ قال: لا، قال: دعه.
قال: ثم أشرف إشرافة أخرى، فقال: قد والله أحاطوا بالجوسق، قال:
هات شواءك، فجعل يأكل غير مكترث لهم، فلما فرغ توضأ وصلى بأصحابه الأولى، ثم تقلد سيفين بعد ما لبس درعه، وأخذ عمود حديد ثم قال: أسرجوا لي البغلة، فقال أخوه مصاد: أفي هذا اليوم تسرج بغلة! قال: نعم أسرجوها، فركبها، ثم قال: يا فلان، أنت على الميمنة وأنت يا فلان على الميسرة، وقال لمصاد: أنت في القلب، وأمر الدهقان ففتح الباب في وجوههم قال: فخرج اليهم وهو يحكم، فجعل سعيد وأصحابه يرجعون القهقرى حتى صار بينهم وبين الدير نحو من ميل.
قال: وجعل سعيد يقول: يا معشر همدان، أنا ابن ذي مران، إلي إلي ووجه سربا مع ابنه وقد أحس أنها تكون عليه، فننظر شبيب إلى.
مصاد فقال: أثكلنيك الله إن لم أثكله ولده قال: ثم علاه بالعمود، فسقط ميتا، وانهزم أصحابه وما قتل بينهم يومئذ إلا قتيل واحد قال:
وانكشف أصحاب سعيد بن مجالد حتى أتوا الجزل، فناداهم الجزل: أيها الناس، إلي إلي وناداهم عياض بن أبي لينة: أيها الناس، إن يكن أميركم هذا القادم قد هلك فهذا أميركم الميمون النقيبة، أقبلوا إليه، وقاتلوا معه، فمنهم من أقبل إليه، ومنهم من ركب رأسه منهزما، وقاتل الجزل قتالا شديدا حتى صرع، وقاتل عنه خالد بن نهيك وعياض ابن أبي لينة حتى استنقذاه وهو مرتث، وأقبل الناس منهزمين حتى دخلوا الكوفة، فأتي بالجزل حتى أدخل المدائن، وكتب إلى الحجاج بن يوسف.