عبد الله بن عامر بن كريز القرشي وزياد بن عمرو العتكي، وخرج شبيب حيث خرج من الكوفة، فأتى المردمة وبها رجل من حضرموت على العشور يقال له ناجية بن مرثد الحضرمي، فدخل الحمام ودخل عليه شبيب فاستخرجه فضرب عنقه، واستقبل شبيب النضر بن القعقاع بن شور- وكان مع الحجاج حين أقبل من البصرة، فلما طوى الحجاج المنازل خلفه وراءه- فلما رآه شبيب ومعه أصحابه عرفه، فقال له شبيب: يا نضر بن القعقاع، لا حكم إِلَّا لِلَّهِ*- وإنما أراد شبيب بمقالته له تلقينه، فلم يفهم النضر- فقال:«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» ، فقال أصحاب شبيب: يا أمير المؤمنين، كأنك إنما تريد بمقالتك أن تلقنه فشدوا على نضر فقتلوه.
قال: واجتمعت تلك الأمراء في أسفل الفرات، فترك شبيب الوجه الذي فيه جماعة أولئك القواد، وأخذ نحو القادسية، ووجه الحجاج زحر بن قيس في جريدة خيل نقاوه الف وثمانمائه فارس، وقال له: اتبع شبيبا حتى تواقعه حيثما أدركته، إلا أن يكون منطلقا ذاهبا فاتركه ما لم يعطف عليك أو ينزل فيقيم لك، فلا تبرح إن هو أقام حتى تواقعه، فخرج زحر حتى انتهى إلى السيلحين، وبلغ شبيبا مسيره إليه، فأقبل نحوه فالتقيا، فجعل زحر على ميمنته عبد الله بن كناز النهدي، وكان شجاعا، وعلى ميسرته عدى بن عدى بن عميرة الكندى الشيباني، وجمع شبيب خيله كلها كبكبة واحدة، ثم اعترض بها الصف، فوجف وجيفا، واضطرب حتى انتهى إلى زحر بن قيس، فنزل زحر بن قيس، فقاتل زحر حتى صرع، وانهزم أصحابه، وظن القوم أنهم قد قتلوه، فلما كان في السحر وأصابه البرد قام يتمشى حتى دخل قرية فبات بها، وحمل منها إلى الكوفة وبوجهه ورأسه بضعة عشر جراحة ما بين ضربة وطعنة، فمكث أياما، ثم أتى الحجاج وعلى وجهه وجراحه القطن، فأجلسه الحجاج معه على السرير، وقال لمن حوله: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة يمشي بين الناس وهو