اجتهادي في النصيحة لأمير المؤمنين وللأمير ولعامة المسلمين، وإن يك صوابا فالله سددني له، إنا قد تحدثنا وتحدث الناس أن جيشا قد فصل إليك من قبل الشام، وأن أهل الكوفة قد هزموا وفلوا واستخفوا بالصبر، وهان عليهم عار الفرار فقلوبهم كأنها ليست فيهم، كأنما هي في قوم آخرين، فإن رأيت أن تبعث إلى جيشك الذي أمددت به من أهل الشام فيأخذوا حذرهم، ولا يبيتوا إلا وهم يرون أنهم مبيتون فعلت، فإنك تحارب حولا قلبا، ظعانا رحالا، وقد جهزت إليه أهل الكوفة ولست واثقا بهم كل الثقة، وإنما إخوانهم هؤلاء القوم الذين بعثوا إليك من الشام.
أن شبيبا بينا هو في أرض إذ هو في أخرى، ولا آمن أن يأتيهم وهم غارون فإن يهلكوا نهلك ويهلك العراق فقال: لله أنت! ما أحسن ما رأيت! وما أحسن ما أشرت به علي! قال: فبعث عبد الرحمن بن الغرق مولى عقيل الى من اقبل من أهل الشام، فأتاهم وقد نزلوا هيت بكتاب من الحجاج:
أما بعد، فإذا حاذيتم هيت فدعوا طريق الفرات والأنبار، وخذوا على عين التمر حتى تقدموا الكوفة إن شاء الله، وخذوا حذركم، وعجلوا السير والسلام.
فأقبل القوم سراعا قال: وقدم عتاب بن ورقاء في الليلة التي قال الحجاج إنه قادم عليكم فيها، فأمره الحجاج فخرج بالناس فعسكر بهم بحمام أعين، وأقبل شبيب حتى انتهى إلى كلواذا فقطع منها دجلة، ثم أقبل حتى نزل مدينة بهرسير الدنيا، فصار بينه وبين مطرف بن المغيره ابن شعبة جسر دجلة.
فلما نزل شبيب مدينة بهرسير قطع مطرف الجسر، وبعث إلى شبيب: أن ابعث إلي رجالا من وجوه أصحابك ادار سهم القرآن، وأنظر فيما تدعو إليه فبعث إليه شبيب رجالا من وجوه أصحابه، فيهم قعنب وسويد والمحلل، فلما أرادوا أن ينزلوا في السفينة بعث اليهم شبيب الا