للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مؤذنه سلام بن سيار الشيباني، وكانت عيون عتاب بن ورقاء قد جاءوه فأخبروه أنه قد أقبل إليه، فخرج بالناس كلهم فعبأهم، وكان قد خندق أول يوم نزل، وكان يظهر كل يوم أنه يريد أن يسير إلى شبيب بالمدائن، فبلغ ذلك شبيبا، فقال: أسير إليه أحب إلي من أن يسير إلي، فأتاه، فلما صف عتاب الناس بعث على ميمنته مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس، وقال: يا بن أخي، إنك شريف فاصبر وصابر، فقال: أما انا فو الله لأقاتلن ما ثبت معي إنسان وقال لقبيصة بن والق- وكان يومئذ على ثلث بني تغلب: أكفني الميسرة، فقال: أنا شيخ كبير، كثير منى ان اثبت تحت رايتي، قد انبت مني القيام، ما أستطيع القيام إلا أن أقام، ولكن هذا عبيد الله بن الحليس ونعيم بن عليم التغلبيان- وكان كل واحد منهما على ثلث من أثلاث تغلب- فقال: ابعث أيهما أحببت، فأيهما بعثت فلتبعثن ذا حزم وعزم وغناء.

فبعث نعيم بن عليم على ميسرته، وبعث حنظلة بن الحارث اليربوعي- وهو ابن عم عتاب شيخ أهل بيته- على الرجالة، وصفهم ثلاثة صفوف:

صف فيهم الرجال معهم السيوف، وصف وهم أصحاب الرماح، وصف فيه المرامية، ثم سار فيما بين الميمنة إلى الميسرة يمر بأهل راية راية، فيحثهم على تقوى الله، ويأمرهم بالصبر ويقص عليهم.

قال أبو مخنف: فحدثني حصيرة بن عبد الله أن تميم بن الحارث الأزدي قال: وقف علينا فقص علينا قصصا كثيرا، كان مما حفظت منه ثلاث كلمات، قال: يا أهل الإسلام، إن أعظم الناس نصيبا في الجنة الشهداء، وليس الله لأحد من خلقه بأحمد منه للصابرين، ألا ترون أنه يقول: «وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» ! فمن حمد الله فعله فما أعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>