للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو مخنف: فحدثني أبو يزيد السكسكي بهذا الحديث- وكان ممن يقاتله من أهل الشام، وحدثني فروة بن لقيط، وكان ممن شهد مواطنه- فأما رجل من رهطه من بني مرة بن همام فإنه حدثني أنه كان معه قوم يقاتلون من عشيرته، ولم يكن لهم تلك البصيرة النافذة، وكان قد قتل من عشائرهم رجالا كثيرا، فكأن ذلك قد أوجع قلوبهم، وأوغر صدورهم، وكان رجل يقال له مقاتل من بني تيم بن شيبان من أصحاب شبيب، فلما قتل شبيب رجالا من بني تيم بن شيبان أغار هو على بني مرة بن همام فأصاب منهم رجلا، فقال له شبيب: ما حملك على قتلهم بغير أمري! فقال له: أصلحك الله! قتلت كفار قومي، وقتلت كفار قومك، قال: وأنت الوالي علي حتى تقطع الأمور دوني! فقال: أصلحك الله! أليس من ديننا قتل من كان على غير رأينا، منا كان أو من غيرنا! قال: بلى، قال:

فإنما فعلت ما كان ينبغى، ولا والله يا أمير المؤمنين ما أصبت من رهطك عشر ما أصبت من رهطي، وما يحل لك يا أمير المؤمنين أن تجد من قتل الكافرين، قال: إني لا أجد من ذلك وكان معه رجال كثير قد أصاب من عشائرهم، فزعموا أنه لما تخلف في أخريات أصحابه قال بعضهم لبعض: هل لكم أن نقطع به الجسر فندرك ثأرنا الساعة! فقطعوا الجسر، فمالت السفن، ففزع الفرس ونفر، ووقع في الماء فغرق قال أبو مخنف: فحدثني ذلك المري بهذا الحديث، وناس من رهط شبيب يذكرون هذا أيضا، وأما حديث العامة فالحديث الأول.

قال أبو مخنف: وحدثني أبو يزيد السكسكي، قال: إنا والله لنتهيأ للانصراف إذ جاء صاحب الجسر فقال: أين أميركم؟ قلنا: هو هذا، فجاءه فقال: أصلحك الله! إن رجلا منهم وقع في الماء، فتنادوا بينهم: غرق أمير المؤمنين! ثم إنهم انصرفوا راجعين، وتركوا عسكرهم ليس فيه أحد، فكبر سفيان وكبرنا، ثم أقبل حتى انتهى إلى الجسر، وبعث مهاصر بن صيفي فعبر إلى عسكرهم، فإذا ليس فيه منهم صافر

<<  <  ج: ص:  >  >>