قد أولت رؤياي هذه أني أرى ولدي هذا غلاما، أراه سيكون صاحب دماء يهريقها، وإني أرى أمره سيعلو ويعظم سريعا قال: فكان أبوه يختلف به وبأمه إلى البادية إلى أرض قومه على ماء يدعى اللصف.
قال أبو مخنف: وحدثني موسى بن أبي سويد بن رادي أن جند أهل الشام الذين جاءوا حملوا معهم الحجر فقالوا: لا نفر من شبيب حتى يفر هذا الحجر، فبلغ شبيبا أمرهم، فأراد أن يكيدهم، فدعا بأفراس أربعة، فربط في أذنابها ترسة في ذنب كل فرس ترسين، ثم ندب معه ثمانية نفر من أصحابه، ومعه غلام له يقال له حيان، وأمره أن يحمل معه إداوة من ماء، ثم سار حتى يأتي ناحية من العسكر، فأمر أصحابه أن يكونوا في نواحي العسكر، وأن يجعلوا مع كل رجلين فرسا، ثم يمسوها الحديد حتى تجد حرة ويخلوها في العسكر، وواعدهم تلعة قريبة من العسكر، فقال: من نجا منكم فإن موعده هذه التلعة، وكره أصحابه الإقدام على ما أمرهم به، فنزل حيث رأى ذلك منهم حتى صنع بالخيل مثل الذي أمرهم، ثم وغلت في العسكر، ودخل يتلوها محكما فضرب الناس بعضهم بعضا، فقام صاحبهم الذي كان عليهم، وهو حبيب بن عبد الرحمن الحكمي، فنادى: أيها الناس، إن هذه مكيدة، فالزموا الأرض حتى يتبين لكم الأمر، ففعلوا وبقي شبيب في عسكرهم، فلزم الأرض حيث رآهم قد سكنوا، وقد أصابته ضربة عمود أوهنته، فلما أن هدأ الناس ورجعوا إلى أبنيتهم خرج في غمارهم حتى أتى التلعة، فإذا هو بحيان، فقال: أفرغ يا حيان على رأسي من الماء، فلما مد رأسه ليصب عليه من الماء هم حيان أن يضرب عنقه، فقال لنفسه: لا أجد لي مكرمة ولا ذكرا أرفع من قتلي هذا، وهو امانى عند الحجاج، فاستقبلته الرعده حيث هم بما هم به، فلما أبطأ بحل الإداوة قال: ما يبطئك بحلها! فتناول السكين من موزجه فخرقها به، ثم ناولها إياه، فأفرغ عليه من الماء فقال حيان: منعني والله الجبن وما أخذني من