فبعث إليه الحجاج بن يوسف سبرة بن عبد الرحمن بن مخنف في مائتين وعبد الله بن كناز في مائتين، وجاء شبيب فاقبل حتى نزل قناطر حذيفة، ثم جاء حتى انتهى إلى كلواذا، فعبر منها دجلة، ثم أقبل حتى نزل مدينة بهرسير ومطرف بن المغيرة في المدينة العتيقة التي فيها منزل كسرى والقصر الأبيض، فلما نزل شبيب بهرسير قطع مطرف الجسر فيما بينه وبين شبيب، وبعث إلى شبيب أن ابعث إلي رجالا من صلحاء أصحابك ادار سهم القرآن، وأنظر ما تدعون إليه، فبعث إليه رجالا، منهم سويد بن سليم وقعنب والمحلل بن وائل، فلما أدني منهم المعبر وأرادوا ان ينزلوا فيه ارسل اليهم شبيب الا تدخلوا السفينة حتى يرجع إلي رسولي من عند مطرف، وبعث إلى مطرف: أن ابعث إلي بعدة من أصحابك حتى ترد علي أصحابي، فقال لرسوله: القه فقل له: فكيف آمنك على أصحابي إذا بعثتهم الآن إليك، وأنت لا تأمنني على أصحابك! فأرسل إليه شبيب: إنك قد علمت أنا لا نستحل في ديننا الغدر، وأنتم تفعلونه وتهونونه فسرح إليه مطرف الربيع بن يزيد الأسدي، وسُلَيْمَان بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني، ويزيد بن أبي زياد مولى المغيرة- وكان على حرس مطرف- فلما وقعوا في يديه بعث أصحابه إليه.
قَالَ أَبُو مخنف:
حَدَّثَنِي النضر بن صالح، قال: كنت عند مطرف ابن المغيرة بن شعبة فما أدري أقال: أني كنت في الجند الذين كانوا معه، أو قال: كنت بإزائه حيث دخلت عليه رسل شبيب! وكان لي ولأخي ودا مكرما، ولم يكن ليستر منا شيئا، فدخلوا عليه وما عنده أحد من الناس غيري وغير أخي حلام بن صالح، وهم ستة ونحن ثلاثة، وهم شاكون في السلاح، ونحن ليس علينا إلا سيوفنا، فلما دنوا قال سويد: السلام على من خاف مقام ربه وعرف الهدى وأهله، فقال له مطرف: أجل، فسلم الله على أولئك، ثم جلس القوم، فقال لهم