للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه بالسيف، وكان على حرسه، فقال لهم مطرف: يا هؤلاء، إنكم نصحائي وأهل مودتي ومن أثق بصلاحه وحسن رأيه، والله ما زلت لأعمال هؤلاء الظلمة كارها، أنكرها بقلبي، وأغيرها ما استطعت بفعلي وأمري، فلما عظمت خطيئتهم، ومر بي هؤلاء القوم يجاهدونهم، لم أر أنه يسعني إلا مناهضتهم وخلافهم إن وجدت أعوانا عليهم، وإني دعوت هؤلاء القوم فقلت لهم كيت وكيت، وقالوا لي كيت وكيت، فلست أرى القتال معهم، ولو تابعوني على رأيي وعلى ما وصفت لهم لخلعت عبد الملك والحجاج، ولسرت إليهم أجاهدهم فقال له المزني: إنهم لن يتابعوك، وإنك لن تتابعهم فأخف هذا الكلام ولا تظهره لأحد، وقال له الأسدي مثل ذلك، فجثا مولاه ابن أبي زياد على ركبتيه ثم قال: والله لا يخفى مما كان بينك وبينهم على الحجاج كلمة واحدة، وليزادن على كل كلمة عشرة أمثالها، والله إن لو كنت في السحاب هاربا من الحجاج ليلتمسن أن يصل إليك حتى يهلكك أنت ومن معك، فالنجاء النجاء من مكانك هذا، فإن أهل المدائن من هذا الجانب ومن ذاك الجانب، وأهل عسكر شبيب يتحدثون بما كان بينك وبين شبيب، ولا تمس من يومك هذا حتى يبلغ الخبر الحجاج، فاطلب دارا غير المدائن فقال له صاحباه: ما نرى الرأي إلا كما ذكر لك، قال لهما مطرف: فما عند كما؟ قالا: الإجابة إلى ما دعوتنا إليه والمؤاساة لك بأنفسنا على الحجاج وغيره قال: ثم نظر إلي، فقال:

ما عندك؟ فقلت: قتال عدوك، والصبر معك ما صبرت، فقال لي:

ذاك الظن بك.

قال: ومكث حتى إذا كان في اليوم الثالث أتاه قعنب فقال له:

إن تابعتنا فأنت منا، وإن أبيت فقد نابذناك، فقال: لا تعجلوا اليوم فإنا ننظر.

قال: وبعث إلى أصحابه أن ارحلوا الليلة من عند آخركم حتى توفوا الدسكرة معي لحدث حدث هنالك

<<  <  ج: ص:  >  >>