فخرج إليه صارم مولى عدي بن وتاد وصاحب رايته، فحمل على بكير ابن هارون البجلي، فاضطربا بسيفيهما، فلم تعمل ضربة مولى عدي شيئا، وضربه بكير بالسيف فقتله، ثم استقدم، فقال: فارس لفارس، فلم يخرج إليه أحد، فجعل يقول:
صارم قد لاقيت سيفا صارما ... وأسدا ذا لبده ضبار ما
قال: ثم إن الحجاج بن جارية حمل وهو في الميمنة على عمر بن هبيرة وهو في الميسره، وفيها الطفيل بن عامر بن وائله، فالتقى هو والطفيل- وكانا صديقين متؤاخيين- فتعارفا، وقد رفع كل واحد منهما السيف على صاحبه، فكفا أيديهما، واقتتلوا طويلا ثم إن ميسرة عدي بن وتاد زالت غير بعيد، وانصرف الحجاج بن جارية إلى موقفه ثم إن الربيع بن يزيد حمل على عبد الله بن زهير، فاقتتلوا طويلا، ثم إن جماعة الناس حملت على الأسدي فقتلته، وانكشفت ميسره مطرف ابن المغيرة حتى انتهت إليه ثم إن عمر بن هبيرة حمل على الحجاج بن جارية وأصحابه فقاتله قتالا طويلا، ثم إنه حذره حتى انتهى إلى مطرف، وحمل ابن أقيصر الخثعمي في الخيل على سُلَيْمَان بن صخر المزني فقتله، وانكشفت خيلهم، حتى انتهى إلى مطرف، فثم اقتتلت الفرسان أشد قتال رآه الناس قط، ثم إنه وصل إلى مطرف قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي النضر بن صالح انه جعل يناديهم يومئذ: