أتيتني بماء، قال: لا، بل أعطنيه الآن، قال: لا، ولكن ائتى بماء قبل، فانطلق العلج حتى أشرف على قطري، ثم حدر عليه حجرا عظيما من فوقه دهدأه عليه، فأصاب إحدى وركيه فأوهته، وصاح بالناس، فأقبلوا نحوه، والعلج حينئذ لا يعرف قطريا، غير أنه يظن أنه من أشرافهم لحسن هيئته، وكمال سلاحه، فدفع إليه نفر من أهل الكوفة فابتدروه فقتلوه، منهم سوره بن أبجر التميمي، وجعفر بن عبد الرحمن بن مخنف، والصباح بن مُحَمَّد بن الأشعث، وباذام مولى بني الأشعث، وعمر بن أبي الصلت بن كنارا مولى بني نصر بن معاوية، وهو من الدهاقين، فكل هؤلاء ادعوا قتله، فدفع إليهم أبو الجهم بن كنانة الكلبي- وكلهم يزعم أنه قاتله- فقال لهم: ادفعوه إلي حتى تصطلحوا، فدفعوه إليه.
فأقبل به إلى إسحاق بن مُحَمَّد- وهو على أهل الكوفة- ولم يأته جعفر لشيء كان بينه وبينه قبل ذلك- وكان لا يكلمه، وكان جعفر مع سفيان بن الأبرد، ولم يكن معه إسحاق، وكان جعفر على ربع أهل المدينة بالري، فلما مر سفيان بأهل الري انتخب فرسانهم بأمر الحجاج، فسار بهم معه، فلما أتى القوم بالرأس فاختصموا فيه إليه وهو في يدي أبي الجهم بن كنانة الكلبي، قال له: امض به أنت، ودع هؤلاء المختلفين، فخرج برأس قطري حتى قدم به على الحجاج، ثم أتى به عبد الملك بن مروان، فألحق في ألفين، وأعطى فطما- يعني أنه يفرض للصغار في الديوان- وجاء جعفر إلى سفيان فقال له: أصلحك الله! إن قطريا كان أصاب والدي فلم يكن لي هم غيره، فاجمع بيني وبين هؤلاء الذين ادعوا قتله، فسلهم، ألم أكن أمامهم حتى بدرتهم فضربته ضربه فصرعته، ثم جاءوني بعد، فأقبلوا يضربونه بأسيافهم! فإن أقروا لي بهذا فقد صدقوا، وإن أبوا فأنا أحلف بالله أني صاحبه، وإلا فليحلفوا بالله أنهم أصحابه الذين قتلوه، وأنهم لا يعرفون ما أقول، ولا حق لي فيه قال: جئت الآن وقد سرحنا بالراس فانصرف عنه فقال له اصحابه: أما والله إنك لأخلق القوم أن تكون صاحبه