السيف برأسه، فصرع، فاحتمله أصحابه، فأدخلوه المدينة.
قال: فكانوا على ذلك يقاتلونهم، وكان أصحاب بكير يغدون متفضلين في ثياب مصبغة وملاحف وأزر صفر وحمر، فيجلسون على نواحي المدينة يتحدثون، وينادي مناد: من رمى بسهم رمينا إليه برأس رجل من ولده وأهله، فلا يرميهم أحد.
قال: فأشفق بكير، وخاف إن طال الحصار أن يخذله الناس، فطلب الصلح، وأحب ذلك أيضا أصحاب أمية لمكان عيالاتهم بالمدينة، فقالوا لأمية: صالحه- وكان أمية يحب العافيه- فصالحه على ان يقضى عنه أربعمائة الف، ويصل اصحابه ويوليه أيضا أي كور خراسان شاء، ولا يسمع قول بحير فيه، وإن رابه منه ريب فهو آمن أربعين يوما حتى يخرج عن مرو، فأخذ الأمان لبكير من عبد الملك، وكتب له كتابا على باب سنجان، ودخل أمية المدينة قال: وقوم يقولون: لم يخرج بكير مع أمية غازيا، ولكن أمية لما غزا استخلفه على مرو فخلعه، فرجع أمية فقاتله، ثم صالحه ودخل مرو ووفى أمية لبكير وعاد إلى ما كان عليه من الإكرام وحسن الإذن، وأرسل إلى عتاب اللقوة، فقال: أنت صاحب المشورة، فقال: نعم أصلح الله الأمير! قال: ولم؟ قال: خف ما كان في يدي، وكثر ديني، وأعديت على غرمائي، قال: ويحك! فضربت بين المسلمين، وأحرقت السفن والمسلمون في بلاد العدو، وما خفت الله! قال: قد كان ذلك، فأستغفر الله، قال: كم دينك؟ قال: عشرون ألفا، قال: تكف عن غش المسلمين وأقضي دينك؟ قال: نعم، جعلني الله فداك! قال: فضحك أمية وقال: إن ظني بك غير ما تقول، وسأقضي عنك فأدى عنه عشرين ألفا، وكان أمية سهلا لينا سخيا، لم يعط أحد من عمال خراسان بها مثل عطاياه، قال: وكان مع ذلك ثقيلا عليهم، كان فيه زهو شديد، وكان يقول: ما أكتفي بخراسان وسجستان لمطبخي وعزل أمية بحيرا