عباد: ما رأيت فرسا أروع ولا أحسن من هذا، وإن الفرس قوة وسلاح وإن هذه البغله علنداه، فزاده الحجاج خمسين وخمسمائة درهم، ومر به عطية العنبري، فقال له الحجاج، يا عبد الرحمن، أحسن إلى هذا.
فلما استتب له أمر ذينك الجندين، بعث الحجاج عطارد بن عمر التميمى فعسكر بالاهواز، ثم بعث عبيد الله بن حجر بن ذي الجوشن العامري من بني كلاب ثم بدا له، فبعث عليهم عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن الأشعث وعزل عبيد الله بن حجر، فأتى الحجاج عمه إسماعيل بن الأشعث، فقال له:
لا تبعثه فإني أخاف خلافه، والله ما جاز جسر الفرات قط فرأى لوال من الولاة عليه طاعة وسلطانا فقال الحجاج: ليس هناك، هو لي أهيب وفي أرغب من أن يخالف أمري، أو يخرج من طاعتي، فأمضاه على ذلك الجيش، فخرج بهم حتى قدم سجستان سنة ثمانين، فجمع أهلها حين قدمها.
قال أبو مخنف: فحدثني أبو الزبير الأرحبي- رجل من همدان كان معه- أنه صعد منبرها فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا الناس، إن الأمير الحجاج ولاني ثغركم، وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم وأباد خياركم، فإياكم أن يتخلف منكم رجل فيحل بنفسه العقوبة، اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا به مع الناس فعسكر الناس كلهم في معسكرهم ووضعت لهم الأسواق، وأخذ الناس بالجهاز والهيئة بآلة الحرب، فبلغ ذلك رتبيل، فكتب إلى عبد الرحمن بن مُحَمَّد يعتذر إليه من مصاب المسلمين ويخبره أنه كان لذلك كارها، وأنهم ألجئوه إلى قتالهم، ويسأله الصلح ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج، فلم يجبه، ولم يقبل منه.
ولم ينشب عبد الرحمن أن سار في الجنود إليه حتى دخل أول بلاده، وأخذ رتبيل يضم إليه جنده، ويدع له الأرض رستاقا رستاقا، وحصنا حصنا، وطفق ابن الأشعث كلما حوى بلدا بعث إليه عاملا، وبعث معه أعوانا، ووضع