للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسترجع، وجزع حتى ظهر جزعه عليه، فلامه بعض خاصته، فدعا يزيد فوجهه إلى مرو، فجعل يوصيه بما يعمل ودموعه تنحدر على لحيته وكتب الحجاج إلى المهلب يعزيه عن المغيرة، وكان سيدا، وكان المهلب يوم مات المغيره مقيما بكس وراء النهر لحرب أهلها قال: فسار يزيد في ستين فارسا- ويقال: سبعين- فيهم مجاعة بن عبد الرحمن العتكي، وعبد الله بن معمر بن سمير اليشكري، ودينار السجستاني، والهيثم بن المنخل الجرموزي، وغزوان الإسكاف صاحب زم- وكان أسلم على يد المهلب- وأبو مُحَمَّد الزمى، وعطية- مولى لعتيك- فلقيهم خمسمائة من الترك في مفازة نسف، فقالوا: ما أنتم؟ قالوا: تجار، قالوا: فأين الأثقال؟ قالوا: قدمناها، قالوا: فأعطونا شيئا، فأبى يزيد، فأعطاهم مجاعة ثوبا وكرابيس وقوسا، فانصرفوا ثم غدروا وعادوا إليهم، فقال يزيد: أنا كنت أعلم بهم فقاتلوهم، فاشتد القتال بينهم، ويزيد، على فرس قريب من الأرض، ومعه رجل من الخوارج كان يزيد أخذه، فقال: استبقني، فمن عليه، فقال له: ما عندك؟ فحمل عليهم حتى خالطهم وصار من ورائهم وقد قتل رجلا، ثم كر فخالطهم حتى تقدمهم وقتل رجلا ثم رجع إلى يزيد وقتل يزيد عظيما من عظمائهم ورمي يزيد في ساقه، واشتدت شوكتهم، وهرب أبو مُحَمَّد الزمي، وصبر لهم يزيد حتى حاجزوهم، وقالوا: قد غدرنا، ولكن لا ننصرف حتى نموت جميعا أو تموتوا أو تعطونا شيئا، فحلف يزيد لا يعطيهم شيئا، فقال مجاعة: أذكرك الله، قد هلك المغيرة، وقد رأيت ما دخل على المهلب من مصابه، فأنشدك الله أن تصاب اليوم! قال: إن المغيرة لم يعد أجله، ولست أعدو أجلي فرمى إليهم مجاعة بعمامة صفراء فأخذوها وانصرفوا، وجاء أبو مُحَمَّد الزمي بفوارس وطعام، فقال له يزيد: أسلمتنا يا أبا مُحَمَّد، فقال: إنما ذهبت لأجيئكم بمدد وطعام، فقال الراجز:

<<  <  ج: ص:  >  >>