حسنة، ما صدقتموهم في موطن قط ولا صبرتم لهم إلا أعقبكم الله النصر عليهم والظفر بهم، فأصبحوا اليهم عادين جادين، فانى لست أشك في النصر إن شاء الله قال: فأصبحنا، وقد عبأنا في السحر، فباكرناهم فقاتلناهم أشد قتال قاتلنا هموه قط، وقد جاءنا عبد الملك بن المهلب مجففا، وقد كشفت خيل سفيان بن الأبرد، فقال له الحجاج: ضم إليك يا عبد الملك هذا النشر لعلي أحمل عليهم، ففعل، وحمل الناس من كل جانب، فانهزم أهل العراق أيضا، وقتل أبو البختري الطائي وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وقالا قبل ان يقتلا: إن الفرار كل ساعة بنا لقبيح فأصيبا قال: ومشى بسطام بن مصقلة الشيباني في أربعة آلاف من أهل الحفاظ من أهل المصرين، فكسروا جفون السيوف، وقال لهم ابن مصقلة:
لو كنا إذا فررنا بأنفسنا من الموت نجونا منه فررنا، ولكنا قد علمنا أنه نازل بنا عما قليل، فأين المحيد عما لا بد منه! يا قوم إنكم محقون، فقاتلوا على الحق، والله لو لم تكونوا على الحق لكان موت في عز خيرا من حياة في ذل فقاتل هو وأصحابه قتالا شديدا كشفوا فيه أهل الشام مرارا، حتى قال الحجاج: علي بالرماة لا يقاتلهم غيرهم، فلما جاءتهم الرماة، وأحاط بهم الناس من كل جانب قتلوا إلا قليلا، وأخذ بكير بن ربيعة بن ثروان الضبي أسيرا، فأتي به الحجاج فقتله قال أبو مخنف: فحدثني أبو الجهضم، قال: جئت بأسير كان الحجاج يعرفه بالبأس، فقال الحجاج: يا أهل الشام، إنه من صنع الله.
لكم إن هذا غلام من الغلمان جاء بفارس أهل العراق أسيرا، اضرب عنقه، فقتله.
قال: ومضى ابن الأشعث والفل من المنهزمين معه نحو سجستان فأتبعهم الحجاج عمارة بن تميم اللخمي ومعه ابنه مُحَمَّد بن الحجاج وعمارة أمير