ثم إن ابن مُحَمَّد مضى حتى خرج على زرنج مدينة سجستان، وفيها رجل من بني تميم قد كان عبد الرحمن استعمله عليها، يقال له عبد الله بن عامر البعار من بني مجاشع بن دارم، فلما قدم عليه عبد الرحمن بن مُحَمَّد منهزما أغلق باب المدينة دونه، ومنعه دخولها، فأقام عليها عبد الرحمن أياما رجاء افتتاحها ودخولها فلما رأى أنه لا يصل إليها خرج حتى أتى بست، وقد كان استعمل عليها رَجُلا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ يُقَالُ لَهُ عياض بن هميان أبو هشام بن عياض السدوسي، فاستقبله، وقال له: انزل، فجاء حتى نزل به، وانتظر حتى إذا غفل أصحاب عبد الرحمن وتفرقوا عنه وثب عليه فأوثقه، وأراد أن يأمن بها عند الحجاج، ويتخذ بها عنده مكانا وقد كان رتبيل سمع بمقدم عبد الرحمن عليه، فاستقبله في جنوده، فجاء رتبيل حتى أحاط ببست، ثم نزل وبعث إلى البكري: والله لئن آذيته بما يقذي عينه، أو ضررته ببعض المضرة، أو رزأته حبلا من شعر لا أبرح العرصة حتى أستنزلك فأقتلك وجميع من معك، ثم أسبي ذراريكم، وأقسم بين الجند أموالكم فأرسل إليه البكري أن أعطنا أمانا على أنفسنا وأموالنا، ونحن ندفعه إليك سالما، وما كان له من مال موفرا فصالحهم على ذلك، وآمنهم، ففتحوا لابن الأشعث الباب وخلوا سبيله، فأتى رتبيل فقال له: إن هذا كان عاملي على هذه المدينة، وكنت حيث وليته واثقا به، مطمئنا إليه، فغدر بي وركب مني ما قد رأيت، فأذن لي في قتله، قال:
قد آمنته وأكره أن أغدر به، قال: فأذن لي في دفعه ولهزه، والتصغير به، قال: أما هذا فنعم ففعل به عبد الرحمن بن مُحَمَّد، ثم مضى حتى دخل مع رتبيل بلاده، فأنزله رتبيل عنده وأكرمه وعظمه، وكان معه ناس من الفل كثير.
ثم إن عظم الفلول وجماعة أصحاب عبد الرحمن ومن كان لا يرجو