استعمله الملك على مصر، وكان صاحب أمرها، وكان يلي البيع والتجارة وأمرها كله، فذلك قوله:«وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ» .
فلما ولي يوسف للملك خزائن أرضه واستقر به القرار في عمله، ومضت السنون السبع المخصبة التي كان يوسف أمر بترك ما في سنبل ما حصدوا من الزرع فيها فيه، ودخلت السنون المجدبة وقحط الناس، أجدبت بلاد فلسطين فيما أجدب من البلاد، ولحق مكروه ذلك آل يعقوب في موضعهم الذي كانوا فيه، فوجه يعقوب بنيه.
فحَدَّثَنَا ابْنُ وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السُّدِّيِّ، قَالَ:
أصاب الناس الجوع حتى أصاب بلاد يعقوب التي هو بها، فبعث بنيه إلى مصر، وأمسك أخا يوسف بنيامين، فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون، فلما نظر إليهم قَالَ: أخبروني: ما أمركم؟ فإني أنكر شأنكم! قَالُوا: نحن قوم من أرض الشام، قَالَ: فما جاء بكم؟ قَالُوا: جئنا نمتار طعاما، قَالَ: كذبتم، أنتم عيون! كم أنتم؟ قَالُوا: عشرة، قَالَ: أنتم عشرة آلاف، كل رجل منكم امير ألف فأخبروني خبركم، قَالُوا: إنا إخوة، بنو رجل صديق، وإنا كنا اثني عشر، وكان أبونا يحب أخا لنا، وإنه ذهب معنا الى البرية فهلك فيها، وكان أحبنا إلى أبينا قَالَ: فإلى من سكن أبوكم بعده؟ قَالُوا: إلى أخ لنا أصغر منه قَالَ: فكيف تخبرونني أن أباكم صديق وهو يحب الصغير منكم دون الكبير! ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه: «فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ»