للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أتبعه في أربعة آلاف، ووزن يزيد نفسه بسلاحه، فكان أربعمائة رطل، فقال: ما أراني إلا قد ثقلت عن الحرب، أي فرس يحملني! ثم دعا بفرسه الكامل فركبه، واستخلف على مرو خاله جديع بن يزيد، وصير طريقه على مرو الروذ، فأتى قبر أبيه فأقام عنده ثلاثة أيام، وأعطى من معه مائة درهم مائة درهم، ثم أتى هراة فأرسل إلى الهاشمي: قد أرحت وأسمنت وجبيت، فلك ما جبيت، وان اردت زياده زدناك، فاخرج فو الله ما أحب أن أقاتلك قال: فأبى إلا القتال ومعه عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة، ودس الهاشمي إلى جند يزيد يمنيهم ويدعوهم إلى نفسه، فأخبر بعضهم يزيد، فقال: جل الأمر عن العتاب، أتغدى بهذا قبل أن يتعشى بي، فسار إليه حتى تدانى العسكران، وتأهبوا للقتال، وألقي ليزيد كرسي فقعد عليه، وولى الحرب أخاه المفضل، فأقبل رجل من أصحاب الهاشمي- يقال له خليد عينين من عبد القيس- على ظهر فرسه، فرفع صوته فقال:

دعت يا يزيد بن المهلب دعوة ... لها جزع ثم استهلت عيونها

ولو يسمع الداعي النداء أجابها ... بِصُم القنا والبيض تلقى جفونها

وقد فر أشراف العراق وغادروا ... بها بقرا للحين جما قرونها

وأراد أن يحض يزيد، فسكت يزيد طويلا حتى ظن الناس أن الشعر قد حركه، ثم قال لرجل: ناد وأسمعهم، جشموهم ذلك، فقال خليد:

لبئس المنادي والمنوه باسمه ... تناديه أبكار العراق وعونها

يزيد إذا يدعى ليوم حفيظة ... ولا يمنع السوآت إلا حصونها

فإني أراه عن قليل بنفسه ... يدان كما قد كان قبل يدينها

فلا حرة تبكيه لكن نوائح ... تبكي عليه البقع منها وجونها

<<  <  ج: ص:  >  >>