قال: ثم كتب إلى عبد الملك يذم يزيد وآل المهلب بالزبيرية، فكتب إليه عبد الملك: إني لا أرى نقصا بآل المهلب طاعتهم لآل الزبير، بل أراه وفاء منهم لهم، وإن وفاءهم لهم يدعوهم إلى الوفاء لي فكتب إليه الحجاج يخوفه غدرهم لما أخبره به الشيخ فكتب إليه عبد الملك: قد أكثرت في يزيد وآل المهلب، فسم لي رجلا يصلح لخراسان، فسمى له مجاعة بن سعر السعدي، فكتب إليه عبد الملك: إن رأيك الذي دعاك إلى استفساد آل المهلب هو الذي دعاك إلى مجاعة بن سعر، فانظر لي رجلا صارما، ماضيا لأمرك، فسمى قتيبة بن مسلم، فكتب إليه: ولّه وبلغ يزيد ان الحجاج نزله، فقال لأهل بيته: من ترون الحجاج يولي خراسان؟ قالوا: رجلا من ثقيف، قال: كلا، ولكنه يكتب إلى رجل منكم بعهده، فإذا قدمت عليه عزله وولى رجلا من قيس، وأخلق بقتيبة! قال: فلما أذن عبد الملك للحجاج في عزل يزيد كره أن يكتب إليه بعزله، فكتب إليه أن استخلف المفضل وأقبل فاستشار يزيد حضين بن المنذر، فقال له: أقم واعتل، فإن أمير المؤمنين حسن الرأي فيك، وإنما أتيت من الحجاج، فإن أقمت ولم تعجل رجوت أن يكتب إليه أن يقر يزيد، قال: إنا أهل بيت بورك لنا في الطاعة، وأنا أكره المعصية والخلاف، فأخذ في الجهاز، وأبطأ ذلك على الحجاج، فكتب إلى المفضل: إني قد وليتك خراسان، فجعل المفضل يستحث يزيد، فقال له يزيد: إن الحجاج لا يقرك بعدي، وإنما دعاه إلى ما صنع مخافة أن أمتنع عليه، قال: بل حسدتني، قال يزيد: يا بن بهلة، أنا أحسدك! ستعلم وخرج يزيد في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين.
فعزل الحجاج المفضل، فقال الشاعر للمفضل وعبد الملك وهو اخوه لامه:
يا بنى بهلة إنما أخزاكما ... ربي غداة غدا الهمام الأزهر
أحفرتمُ لأخيكمُ فوقعتمُ ... في قعر مظلمة أخوها المعور
جودوا بتوبة مخلصين فإنما ... يأبى ويأنف أن يتوب الأخسر