للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرتحل، فكف وأتى موسى الترمذ وبها حصن يشرف على النهر إلى جانب منه، فنزل موسى على بعض دهاقين الترمذ خارجا من الحصن والدهقان مجانب لترمذ شاه، فقال لموسى: إن صاحب الترمذ متكرم شديد الحياء، فإن ألطفته وأهديت إليه أدخلك حصنه، فإنه ضعيف، قال: كلا، ولكني أسأله أن يدخلني حصنه، فسأله فأبى، فما كره موسى وأهدى له وألطفه، حتى لطف الذي بينهما، وخرج فتصيد معه، وكثر إلطاف موسى له، فصنع صاحب الترمذ طعاما وأرسل إليه: أني أحب اكرمك، فتغد عندي، وائتني في مائة من أصحابك فانتخب موسى من أصحابه مائة، فدخلوا على خيولهم، فلما صارت في المدينة تصاهلت، فتطير أهل الترمذ وقالوا لهم: انزلوا، فنزلوا، فأدخلوا بيتا، خمسين في خمسين، وغدوهم.

فلما فرغوا من الغداء اضطجع موسى، فقالوا له: اخرج، قال:

لا أصيب منزلا مثل هذا، فلست بخارج منه حتى يكون بيتي أو قبري.

وقاتلوهم في المدينة، فقتل من أهل الترمذ عدة، وهرب الآخرون فدخلوا منازلهم، وغلب موسى على المدينة، وقال لترمذ شاه: اخرج، فإني لست أعرض لك ولا لأحد من أصحابك فخرج الملك وأهل المدينة فأتوا الترك يستنصرونهم، فقالوا: دخل إليكم مائة رجل فاخرجوكم عن بلادكم، وقد قاتلناهم بكس، نحن لا نقاتل هؤلاء فأقام ابن خازم بالترمذ، ودخل اليه اصحابه، وكانوا سبعمائة، فأقام، فلما قتل أبوه انضم إليه من اصحاب ابيه أربعمائة فارس، فقوي، فكان يخرج فيغير على من حوله قال: فأرسل الترك قوما إلى أصحاب موسى ليعلموا علمه، فلما قدموا قال موسى لأصحابه:

لا بد من مكيدة لهؤلاء- قال: وذلك في أشد الحر- فأمر بنار فأججت، وأمر أصحابه فلبسوا ثياب الشتاء، ولبسوا فوقها لبودا، ومدوا أيديهم إلى النار كأنهم يصطلون وأذن موسى للترك فدخلوا، ففزعوا مما رأوا، وقالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>