وأخيك عندي وعند أهل بيتي بالحسنة، لقد حبستموني وشردتم بني عمي، واصطفيتم أموالهم فقال له المفضل: دع هذا عنك، وسر فأدرك بثأرك، فوجهه في ثلاثة آلاف، وقال له: مر مناديا فليناد: من لحق بنا فله ديوان، فنادى بذلك في السوق، فسارع إليه الناس وكتب المفضل إلى مدرك وهو ببلخ أن يسير معه، فخرج، فلما كان ببلخ خرج ليلة يطوف في العسكر، فسمع رجلا يقول: قتلته والله، فرجع إلى أصحابه، فقال:
قتلت موسى ورب الكعبة! قال: فأصبح فسار من بلخ وخرج مدرك معه متثاقلا، فقطع النهر فنزل جزيرة بالترمذ يقال لها اليوم جزيرة عثمان- لنزول عثمان بها في خمسة عشر ألفا- وكتب إلى السبل وإلى طرخون فقدموا عليه، فحصروا موسى، فضيقوا عليه وعلى أصحابه، فخرج موسى ليلا فأتى كفتان، فامتار منها، ثم رجع فمكث شهرين في ضيق، وقد خندق عثمان وحذر البيات، فلم يقدر موسى منه على غرة، فقال لأصحابه: حتى متى! اخرجوا بنا فاجعلوا يومكم، إما ظفرتم وإما قتلتم وقال لهم: اقصدوا للصغد والترك، فخرج وخلف النضر بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن خازم في المدينة، وقال له:
إن قتلت فلا تدفعن المدينة إلى عثمان، وادفعها إلى مدرك بن المهلب.
وخرج فصير ثلث أصحابه بإزاء عثمان وقال: لا تهايجوه إلا أن يقاتلكم، وقصد لطرخون وأصحابه، فصدقوهم، فانهزم طرخون والترك، وأخذوا عسكرهم فجعلوا ينقلونه، ونظر معاوية بن خالد بن أبي برزة إلى عثمان وهو على برذون لخالد بن أبي برزة الأسلمي، فقال: انزل أيها الأمير، فقال خالد: لا تنزل فإن معاوية مشئوم وكرت الصغد والترك راجعة، فحالوا بين موسى وبين الحصن، فقاتلهم، فعقر به فسقط، فقال لمولى له: احملني، فقال: الموت كريه، ولكن ارتدف، فإن نجونا نجونا جميعا، وإن هلكنا هلكنا جميعا قال: فارتدف، فنظر إليه عثمان حين وثب فقال: وثبة موسى ورب الكعبة! وعليه مغفر له موشى بخز أحمر