واحتل لأن تأتيني به بغير أمان، فإن أعياك وأبى فآمنه، واعلم أني إن عاينتك وليس هو معك صلبتك، فاعمل لنفسك قال: فاكتب لي إلى عبد الرحمن لا يخالفني، قال: نعم، فكتب له إلى عبد الرحمن فقدم عليه، فقال له: ابعث رجالا فليكونوا على فم الشعب، فإذا خرجت أنا ونيزك فليعطفوا من ورائنا فيحولوا بيننا وبين الشعب قال: فبعث عبد الرحمن خيلا فكانوا حيث أمرهم سليم، ومضى سليم وقد حمل معه من الأطعمة التي تبقى أياما والأخبصة أوقارا، حتى أتى نيزك، فقال له نيزك: خذلتني يا سليم، قال: ما خذلتك، ولكنك عصيتني وأسأت بنفسك، خلعت وغدرت، قال: فما الرأي؟ قال: الرأي أن تأتيه فقد أمحكته، وليس ببارح موضعه هذا، قد اعتزم على أن يشتو بمكانه، هلك أو سلم، قال: آتيه على غير أمان! قال: ما أظنه يؤمنك لما في قلبه عليك، فإنك قد ملأته غيظا، ولكنى ارى الا يعلم بك حتى تضع يدك في يده، فانى أرجو ان فعلت ذاك ان يستحيى ويعفو عنك، قال:
أترى ذلك؟ قال: نعم، قال: إن نفسي لتأبى هذا، وهو إن رآني قتلني، فقال له سليم: ما أتيتك إلا لأشير عليك بهذا، ولو فعلت لرجوت أن تسلم وأن تعود حالك عنده إلى ما كانت، فأما إذ أبيت فإني منصرف قال: فنغديك إذا، قال: إني لأظنكم في شغل عن تهيئة الطعام، ومعنا طعام كثير.
قال: ودعا سليم بالغداء فجاءوا بطعام كثير لا عهد لهم بمثله منذ حصروا، فانتهبه الأتراك، فغم ذلك نيزك، وقال سليم: يا أبا الهياج، أنا لك من الناصحين، أرى أصحابك قد جهدوا، وإن طال بهم الحصار وأقمت على حالك لم آمنهم أن يستأمنوا بك، فانطلق وأت قتيبة، قال:
ما كنت لآمنه على نفسي، ولا آتيه على غير أمان، فإن ظني به أنه