قال علي: أخبرنا حمزة بن إبراهيم، وعلي بن مجاهد، عن حنبل بن أبي حريدة، عن مرزبان قهستان وغيرهما، أن قتيبة دعا يوما بنيزك وهو محبوس، فقال: ما رأيك في السبل والشذ؟ أتراهما يأتيان إن أرسلت إليهما؟ قال: لا، قال: فأرسل إليهما قتيبة فقدما عليه، ودعا نيزك وجبغويه فدخلا، فإذا السبل، والشذ بين يديه على كرسيين، فجلسا بإزائهما، فقال الشذ لقتيبة: إن جبغويه- وإن كان لي عدوا- فهو أسن مني، وهو الملك وأنا كعبده، فأذن لي أدن منه، فأذن له، فدنا منه، فقبل يده وسجد له، قال: ثم استأذنه في السبل، فأذن له فدنا منه فقبل يده، فقال نيزك لقتيبة: ائذن لي أدن من الشذ، فإني عبده، فأذن له، فدنا منه فقبل يده، ثم أذن قتيبة للسبل والشذ فانصرفا إلى بلادهما، وضم إلى الشذ الحجاج القيني، وكان من وجوه أهل خراسان وقتل قتيبة نيزك، فأخذ الزبير مولى عابس الباهلي خفا لنيزك فيه جوهر، وكان أكثر من في بلاده مالا وعقارا، من ذلك الجوهر الذي أصابه في خفه فسوغه إياه قتيبة، فلم يزل موسرا حتى هلك بكابل في ولاية ابى داود.
قال: واطلق قتيبة جبغويه ومن عليه، وبعث به إلى الوليد، فلم يزل بالشام حتى مات الوليد ورجع قتيبة إلى مرو، واستعمل أخاه عبد الرحمن على بلخ، فكان الناس يقولون: غدر قتيبة بنيزك، فقال ثابت قطنة:
لا تحسبن الغدر حزما فربما ... ترقت به الأقدام يوما فزلت
وقال: وكان الحجاج يقول: بعثت قتيبة فتى غرا فما زدته ذراعا إلا