فيه أحد، وبقي سعيد بن المسيب ما يجترئ أحد من الحرس أن يخرجه، وما عليه إلا ريطتان ما تساويان إلا خمسة دراهم في مصلاه، فقيل له:
لو قمت! قال: والله لا أقوم حتى يأتي الوقت الذي كنت أقوم فيه قيل:
فلو سلمت على أمير المؤمنين! قال: والله لا أقوم إليه قال عمر بن عبد العزيز: فجعلت اعدل بالوليد في ناحيه المسجد رجاء الا يرى سعيدا حتى يقوم، فحانت من الوليد نظرة إلى القبلة، فقال: من ذلك الجالس؟
أهو الشيخ سعيد بن المسيب؟ فجعل عمر يقول: نعم يا أمير المؤمنين ومن حاله ومن حاله ولو علم بمكانك لقام فسلم عليك، وهو ضعيف البصر.
قال الوليد: قد علمت حاله، ونحن نأتيه فنسلم عليه، فدار في المسجد حتى وقف على القبر، ثم أقبل حتى وقف على سعيد فقال: كيف أنت ايها الشيخ؟ فو الله ما تحرك سعيد ولا قام، فقال: بخير والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله؟ قال الوليد: خير والحمد لله فانصرف وهو يقول لعمر: هذا بقية الناس، فقلت: أجل يا أمير المؤمنين.
قال: وقسم الوليد بالمدينة رقيقا كثيرا عجما بين الناس، وآنية من ذهب وفضة، وأموالا وخطب بالمدينة في الجمعة وصلى بهم.
قال مُحَمَّد بن عمر: وحدثني إسحاق بن يحيى، قال: رأيت الوليد يخطب على منبر رسول الله ص يوم الجمعة عام حج، قد صف له جنده صفين من المنبر إلى جدار مؤخر المسجد، في أيديهم الجرزة وعمد الحديد على العواتق، فرأيته طلع في دراعة وقلنسوة، ما عليه رداء، فصعد المنبر، فلما صعد سلم ثم جلس فأذن المؤذنون، ثم سكتوا، فخطب الخطبة الأولى وهو جالس، ثم قام فخطب الثانية قائما، قال إسحاق: فلقيت رجاء بن حيوة وهو معه، فقلت: هكذا يصنعون! قال: نعم، وهكذا صنع معاوية فهلم جرا، قلت: أفلا تكلمه؟ قال: أخبرني قبيصة بن ذؤيب أنه كلم عبد الملك بن مروان