جاء ذاك، فنزلا من الغد، فأري مثلها، فقيل: أبرأ من دم سعيد.
فقال: يا سعيد، اذهب حيث شئت، إني أبرأ إلى الله من دمك، حتى جاء به.
فلما جاء به إلى داره التي كان فيها سعيد وهي دارهم هذه، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد مولى بني هاشم قال: دخلت عليه في دار سعيد هذه، جيء به مقيدا فدخل عليه قراء أهل الكوفة قلت: يا أبا عبد الله، فحدثكم؟
قال: إي والله ويضحك، وهو يحدثنا، وبنية له في حجره، فنظرت نظرة فأبصرت القيد فبكت، فسمعته يقول: أي بنية لا تطيري، إياك- وشق والله عليه- فاتبعناه نشيعه، فانتهينا به إلى الجسر، فقال الحرسيان: لا نعبر به أبدا حتى يعطينا كفيلا، نخاف أن يغرق نفسه.
قال: قلنا: سعيد يغرق نفسه! فما عبروا حتى كفلنا به.
قال وهب بن جرير: حَدَّثَنَا أبي، قال: سمعت الفضل بن سويد قال: بعثني الحجاج في حاجة، فجيء بسعيد بن جبير، فرجعت فقلت: لأنظرن ما يصنع، فقمت على رأس الحجاج، فقال له الحجاج:
يا سعيد، ألم أشركك في أمانتي! ألم أستعملك! ألم أفعل! حتى ظننت أنه يخلي سبيله، قال: بلى، قال: فما حملك على خروجك علي؟
قال: عزم علي، قال: فطار غضبا وقال: هيه! رأيت لعزمة عدو الرحمن عليك حقا، ولم تر لله ولا لأمير المؤمنين ولا لي عليك حقا! اضربا عنقه، فضربت عنقه، فندر رأسه عليه كمة بيضاء لا طيه صغيرة.
وحدثت عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، قال: سمعت خلف بن خليفة يذكر عن رجل قال: لما قتل سعيد بن جبير فندر رأسه لله، هلل ثلاثا:
مرة يفصح بها.
وفي الثنتين يقول مثل ذلك فلا يفصح بها وذكر أبو بكر الباهلي، قال: سمعت أنس بن أبي شيخ، يقول: لما