جادت الضربة، ولكن لحسبه، وجعل يدفع البقية إلى الوجوه وإلى الناس يقتلونهم حتى دفع إلى جرير رجلا منهم، فدست إليه بنو عبس سيفا في قراب أبيض، فضربه فأبان راسه، ودفع الى الفرزدق اسير فلم يجد سيفا، فدسوا له سيفا ددانا مثنيا لا يقطع، فضرب به الأسير ضربات، فلم يصنع شيئا، فضحك سُلَيْمَان والقوم، وشمت بالفرزدق بنو عبس أخوال سُلَيْمَان، فألقى السيف وأنشأ يقول، ويعتذر الى سليمان، وياتسى بن بو سيف ورقاء عن راس خالد:
ان يك سيف خان أو قدر أتى ... بتأخير نفس حتفها غير شاهد
فسيف بني عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد
كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها ... وتقطع أحيانا مناط القلائد
وورقاء هو ورقاء بن زهير بن جذيمة العبسي، ضرب خالد بن جعفر بن كلاب، وخالد مكب على أبيه زهير قد ضربه بالسيف وصرعه، فأقبل ورقاء بن زهير فضرب خالدا، فلم يصنع شيئا، فقال ورقاء ابن زهير:
رأيت زهيرا تحت كلكل خالد ... فأقبلت أسعى كالعجول أبادر
فشلت يميني يوم أضرب خالدا ... ويحصنه مني الحديد المظاهر
وقال الفرزدق في مقامه ذلك:
أيعجب الناس أن أضحكت خيرهم ... خليفة الله يستسقي به المطر
فما نبا السيف عن جبن ودهش ... عند الإمام ولكن أخر القدر