سكرات الموت حرفته إلى القبلة، فجعل يقول حين يفيق: لم يأن لذلك بعد يا رجاء، ففعلت ذلك مرتين، فلما كانت الثالثة قال: من الآن يا رجاء إن كنت تريد شيئا، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أن مُحَمَّدا عبده ورسوله.
قال: فحرفته ومات، فلما غمضته سجيته بقطيفة خضراء، وأغلقت الباب.
وأرسلت إلي زوجته تقول: كيف أصبح؟ فقلت: نائم، وقد تغطى، فنظر الرسول إليه مغطى بالقطيفة، فرجع فأخبرها فقبلت ذلك، وظنت أنه نائم، قال رجاء: وأجلست على الباب من أثق به، واوصيته الا يبرح حتى آتيه، ولا يدخل على الخليفة أحد قال: فخرجت فأرسلت إلى كعب بن حامد العبسي، فجمع أهل بيت أمير المؤمنين، فاجتمعوا في مسجد دابق، فقلت: بايعوا، فقالوا: قد بايعنا مرة ونبايع أخرى! قلت: هذا عهد أمير المؤمنين، فبايعوا على ما أمر به ومن سمى في هذا الكتاب المختوم، فبايعوا الثانية، رجلا رجلا قال رجاء:
فلما بايعوا بعد موت سُلَيْمَان رأيت أني قد أحكمت الأمر، قلت: قوموا إلى صاحبكم فقد مات، قالوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! وقرأت الكتاب عليهم، فلما انتهيت إلى ذكر عمر بن عبد العزيز نادى هشام بن عبد الملك: لا نبايعه أبدا، قلت: أضرب والله عنقك، قم فبايع، فقام يجر رجليه.
قال رجاء: وأخذت بضبعي عمر بن عبد العزيز فاجلسته لما وقع فيه وهشام يسترجع على المنبر وهو يسترجع لما أخطأه، فلما انتهى هشام إلى عمر قال عمر: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! حين صارت الى لكراهته إياها، والآخر يقول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، حيث نحيت عني.
قال: وغسل سُلَيْمَان وكفن وصلى عليه عمر بن عبد العزيز، قال رجاء: فلما فرغ من دفنه أتي بمراكب الخلافة: البراذين والخيل والبغال ولكل دابة سائس، فقال: ما هذا! قالوا: مركب الخلافة، قال: