لا يحل لي أن أعطيكم من بيت المال درهما إلا بأمر يزيد بن عبد الملك، ولكن تبلغوا بهذا حتى يأتي الأمر في ذلك، فقال الفرزدق في ذلك:
أظن رجال الدرهمين يسوقهم ... إلى الموت آجال لهم ومصارع
فأحزمهم من كان في قعر بيته ... وأيقن أن الأمر لا شك واقع
وخرجت بنو عمرو بن تميم من أصحاب عدي، فنزلوا المربد، فبعث إليهم يزيد بن المهلب مولى له يقال له دارس، فحمل عليهم فهزمهم، فقال الفرزدق في ذلك:
تفرقت الحمراء إذ صاح دارس ... ولم يصبروا تحت السيوف الصوارم
جزى الله قيسا عن عدي ملامة ... ألا صبروا حتى تكون ملاحم
وخرج يزيد بن المهلب حين اجتمع له الناس، حتى نزل جبانة بني يشكر- وهو المنصف فيما بينه وبين القصر- وجاءته بنو تميم وقيس وأهل الشام، فاقتتلوا هنيهة، فحمل عليهم مُحَمَّد بن المهلب، فضرب مسور بن عباد الحبطي بالسيف فقطع أنف البيضة، ثم أسرع السيف إلى أنفه، وحمل على هريم بن أبي طلحة بن أبي نهشل بن دارم، فأخذ بمنطقته، فحذفه عن فرسه، فوقع فيما بينه وبين الفرس، وقال: هيهات هيهات! عمك أثقل من ذلك وانهزموا وأقبل يزيد بن المهلب إثر القوم يتلوهم حتى دنا من القصر،