للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنعوك شيئا طلبت فيه الأمان على نفسك وأهلك ومالك.

فقال له يزيد: أما قولك: إن بقاءك بقائي، فلا أبقاني الله حسوة طائر مذعور إن كنت لا يبقيني إلا بقاؤك، وأما قولك: إن هلاكك مطلوب به من جرته يده، فو الله لو كان في يدي من أهل الشام عشرة آلاف إنسان ليس فيهم رجل إلا أعظم منزلة منك فيهم، ثم ضربت أعناقهم في صعيد واحد، لكان فراقي إياهم وخلافي عليهم أهول عندهم وأعظم في صدورهم من قتل أولئك، ثم لو شئت أن تهدر لي دماؤهم، وأن أحكم في بيوت أموالهم، وأن يجوزوا لي عظيما من سلطانهم، على أن أضع الحرب فيما بيني وبينهم لفعلوا، فلا يخفين عليك أن القوم ناسوك لو قد وقعت أخيارنا إليهم، وأن أعمالهم وكيدهم لا يكون إلا لأنفسهم، لا يذكرونك ولا يحلفون بك وأما قولك: تدارك أمرك واستقله وافعل وافعل، فو الله ما استشرتك، ولا أنت عندي بواد ولا نصيح، فما كان ذلك منك إلا عجزا وفضلا، انطلقوا به، فلما ذهبوا به ساعة قال: ردوه، فلما رد قال: أما إن حبسي إياك ليس إلا لحبسك بني المهلب وتضييقك عليهم فيما كنا نسألك التسهيل فيه عليهم، فلم تكن تألو ما عسرت وضيقت وخالفت، فكأنه لهذا القول حين سمعه أمن على نفسه، وأخذ عدي يحدث به كل من دخل عليه.

وكان رجل يقال له السميدع الكندي من بني مالك بن ربيعة من ساكني عمان يرى رأي الخوارج، وكان خرج وأصحاب يزيد وأصحاب عدي مصطفون فاعتزل ومعه ناس من القراء، فقال طائفة من أصحاب يزيد وطائفة من أصحاب عدي: قد رضينا بحكم السميدع ثم إن يزيد بعث إلى السميدع فدعاه إلى نفسه، فأجابه، فاستعملوا يزيد على الأبلة، فأقبل على الطيب والتخلق والنعيم، فلما ظهر يزيد بن المهلب هرب رءوس أهل البصرة من قيس وتميم ومالك بن المنذر، فلحقوا بعبد الحميد بن عبد الرحمن بالكوفة، ولحق بعضهم بالشام، فقال الفرزدق:

<<  <  ج: ص:  >  >>