للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن سمع قوله: والله لكأنك يا أبا سعيد راض عن أهل الشام، فقال: أنا راض عن أهل الشام قبحهم الله وبرحهم! أليس هم الذين أحلوا حرم رسول الله ص، يقتلون أهله ثلاثة أيام وثلاث ليال! قد أباحوهم لأنباطهم وأقباطهم، يحملون الحرائر ذوات الدين، لا يتناهون عن انتهاك حرمة.

ثم خرجوا إلى بيت الله الحرام، فهدموا الكعبة، وأوقدوا النيران بين أحجارها وأستارها، عليهم لعنة الله وسوء الدار! قال: ثم إن يزيد خرج من البصرة، واستعمل عليها مروان بن المهلب، وخرج معه بالسلاح وبيت المال، فأقبل حتى نزل واسطا، وقد استشار أصحابه حين توجه نحو واسط، فقال: هاتوا الرأي، فإن أهل الشام قد نهضوا إليكم، فقال له حبيب، وقد أشار عليه غير حبيب أيضا فقالوا: نرى أن تخرج وتنزل بفارس، فتأخذ بالشعاب وبالعقاب، وتدنو من خراسان، وتطاول القوم، فإن أهل الجبال ينقضون إليك وفي يديك القلاع والحصون فقال:

ليس هذا برأيي، ليس يوافقني هذا، إنما تريدون أن تجعلوني طائرا على رأس جبل فقال له حبيب: فإن الرأي الذي كان ينبغي أن يكون في أول الأمر قد فات، قد أمرتك حيث ظهرت على البصرة أن توجه خيلا عليها أهل بيتك حتى ترد الكوفة، فإنما هو عبد الحميد بن عبد الرحمن، مررت به في سبعين رجلا فعجز عنك، فهو عن خيلك أعجز في العدة، فنسبق إليها أهل الشام وعظماء أهلها يرون رأيك، وأن تلي عليهم أحب إلى جلهم من أن يلي عليهم أهل الشام، فلم تطعني، وأنا أشير الآن برأي، سرح مع أهل بيتك خيلا من خيلك عظيمة فتأتي الجزيرة، وتبادر إليها حتى ينزلوا حصنا من حصونها، وتسير في أثرهم، فإذا أقبل أهل الشام يريدونك لم يدعوا جندا من جنودك بالجزيرة، ويقبلون إليك فيقيمون عليهم، فكأنهم حابستهم عليك حتى تأتيهم فيأتيك من بالموصل من قومك، وينفض إليك أهل العراق وأهل الثغور، وتقاتلهم في ارض رفيغه السعر، وقد جعلت العراق كله وراء ظهرك،

<<  <  ج: ص:  >  >>