قال: ثم اقتتلنا ساعة، فكأني أنظر إلى عامر بن العميثل الأزدي وهو يضرب بسيفه، ويقول:
قد علمت أم الصبي المولود ... أني بنصل السيف غير رعديد
قال: واضطربنا والله ساعة، فانكشفت خيل ربيعة، والله ما رأيت عند أهل الكوفة من كبير صبر ولا قتال، فاستقبل ربيعة بالسيف يناديهم: أي معشر ربيعة، الكرة الكرة! والله ما كنتم بكشف ولالئام، ولا هذه لكم بعادة، فلا يؤتين أهل العراق اليوم من قبلكم أي ربيعة، فدتكم نفسي، اصبروا ساعة من النهار.
قال: فاجتمعوا حوله، وثابوا إليه، وجاءت كويفتك.
قال: فاجتمعنا ونحن نريد الكرة عليهم، حتى أتى، فقيل له:
ما تصنع هاهنا وقد قتل يزيد وحبيب ومُحَمَّد، وانهزم الناس منذ طويل؟
وأخبر الناس بعضهم بعضا، فتفرقوا ومضى المفضل، فأخذ الطريق إلى واسط، فما رأيت رجلا من العرب مثل منزلته كان أغشى للناس بنفسه، ولا أضرب بسيفه، ولا أحسن تعبئة لأصحابه منه.
قال أبو مخنف: فقال لي ثابت مولى زهير: مررت بالخندق، فإذا عليه حائط، عليه رجال معهم النبل، وأنا مجفف، وهم يقولون: يا صاحب التجفاف، أين تذهب؟ قال: فما كان شيء أثقل علي من تجفافي، قال: فما هو إلا أن جزتهم، فنزلت فألقيته لأخفف عن دابتي وجاء أهل الشام إلى عسكر يزيد بن المهلب، فقاتلهم أبو رؤبة صاحب المرجئة ساعة من النهار حتى ذهب عظمهم، وأسر أهل الشام نحوا من ثلاثمائه رجل، فسرحهم مسلمة إلى مُحَمَّد بن عمرو بن الوليد فحبسهم وكان على شرطه العريان بن الهيثم وجاء كتاب من يزيد بن عبد الملك إلى مُحَمَّد بن عمرو:
أن اضرب رقاب الأسراء فقال للعريان بن الهيثم: أخرجهم عشرين عشرين، وثلاثين ثلاثين قال: فقام نحو من ثلاثين رجلا من بني تميم، فقالوا: