فألحوا في طلبهم، فنادى منادي سعيد: لا تطلبوهم، إنما السغد بستان أمير المؤمنين، وقد هزمتموهم، أفتريدون بوارهم! وأنتم يا أهل العراق قد قاتلتم أمير المؤمنين غير مرة، فعفا عنكم ولم يستأصلكم ورجع، فلما كان العام المقبل بعث رجالا من بني تميم إلى ورغسر، فقالوا: ليتنا نلقى العدو فنطاردهم- وكان سعيد إذا بعث سرية فأصابوا وغنموا وسبوا رد ذراري السبي وعاقب السرية، فقال الهجري وكان شاعرا:
سريت إلى الأعداء تلهو بلعبة ... وأيرك مسلول وسيفك مغمد
وأنت لمن عاديت عرس خفية ... وأنت علينا كالحسام المهند
فلله در السغد لما تحزبوا ... ويا عجبا من كيدك المتردد!
قال: فقال سورة بن الحر لسعيد- وقد كان حفظ عليه، وحقد عليه قوله: أنبط الله وجهك-: إن هذا العبد أعدى الناس للعرب والعمال، وهو أفسد خراسان على قتيبة بن مسلم، وهو واثب بك، مفسد عليك خراسان، ثم يتحصن في بعض هذه القلاع فقال: يا سورة لا تسمعن هذا أحدا ثم مكث أياما، ثم دعا في مجلسه بلبن، وقد أمر بذهب فسحق، وألقي في إناء حيان فشربه، وقد خلط بالذهب، ثم ركب، فركب الناس اربعه فراسخ إلى باركث، كأنه يطلب عدوا، ثم رجع فعاش حيان أربعة أيام ومات في اليوم الرابع، فثقل سعيد على الناس وضعفوه، وكان رجل من بني أسد يقال له إسماعيل منقطعا إلى مروان بن مُحَمَّد، فذكر إسماعيل عند خذينة ومودته لمروان، فقال سعيد: وما ذاك الملط! فهجاه إسماعيل، فقال: