ذكر عبد الرزاق أن حماد بْن سعيد الصنعانى اخبره قال: أخبرني زياد ابن عبيد الله، قَالَ: أتيت الشام، فاقترضت، فبينا أنا يوما على الباب باب هشام، إذ خرج علي رجل من عند هشام، فقال لي: ممن أنت يا فتى؟
قلت: يمان، قَالَ: فمن أنت؟ قلت: زياد بْن عبيد الله بْن عبد المدان، قَالَ: فتبسم، وقال: قم الى ناحيه العسكر فقل لأصحابي: ارتحلوا فإن أمير المؤمنين قد رضي عني، وأمرني بالمسير، ووكل بي من يخرجني قَالَ: قلت: من أنت يرحمك الله؟ قَالَ: خالد بْن عبد الله القسري، قَالَ:
ومرهم يا فتى ان يعطوك منديل ثيابي وبرذوني الأصفر فلما جزت قليلا ناداني، فقال: يا فتى، وإن سمعت بي قد وليت العراق يوما فالحق بي، قَالَ: فذهبت إليهم، فقلت: إن الأمير قد أرسلني إليكم بأن أمير المؤمنين قد رضي عنه، وأمره بالمسير فجعل هذا يحتضنني وهذا يقبل رأسي، فلما رأيت ذلك منهم، قلت: وقد أمرني أن تعطوني منديل ثيابه وبرذونه الأصفر، قالوا: إي والله وكرامة، قَالَ: فأعطوني منديل ثيابه وبرذونه الأصفر، فما أمسى بالعسكر أحد أجود ثيابا مني، ولا أجود مركبا مني، فلم ألبث إلا يسيرا حتى قيل: قد ولي خالد العراق، فركبني من ذلك هم، فقال لي عريف لنا: ما لي أراك مهموما! قلت: أجل قد ولي خالد كذا وكذا، وقد أصبت هاهنا رزيقا عشت به، وأخشى أن أذهب إليه فيتغير على فيفوتني هاهنا وهاهنا، فلست أدري كيف أصنع! فقال لي:
هل لك في خصلة؟ قلت: وما هي؟ قَالَ: توكلني بأرزاقك وتخرج، فإن أصبت ما تحب فلي أرزاقك، وإلا رجعت فدفعتها إليك، فقلت نعم.
وخرجت، فلما قدمت الكوفه لبست من صالح ثيابي وأذن للناس، فتركتهم حتى أخذوا مجالسهم، ثم دخلت فقمت بالباب، فسلمت ودعوت وأثنيت، فرفع رأسه، فقال: أحسنت بالرحب والسعة، فما رجعت الى منزلي حتى اصبت ستمائه دينار بين نقد وعرض.
ثم كنت أختلف إليه، فقال لي يوما: هل تكتب يا زياد؟ فقلت: