أنتم خير أهل الأرض وأعلمهم قد أهلك الله عدوكم، وأقطعكم البحر وأنزل عليكم التوراة، قال: فقيل له: ان هاهنا رجلا هو أعلم منك قَالَ: فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه، فتزودا مملوحة في مكتل لهما، وقيل لهما: إذا نسيتما ما معكما لقيتما رجلا عالما يقال له الخضر، فلما أتيا ذلك المكان، رد الله إلى الحوت روحه فسرب له من الجد حتى أفضى إلى البحر، ثم سلك فجعل لا يسلك فيه طريقا إلا صار ماء جامدا، قَالَ: ومضى موسى وفتاه، يقول الله عز وجل:«فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هَذَا نَصَباً- الى قوله-: وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً» ، فلقيا رجلا عالما يقال له الخضر، فذكر لنا ان نبى الله قَالَ: إنما سمي الخضر خضرا لأنه قعد على فروة بيضاء فاهتزت به خضراء.
فهذه الاخبار التي ذكرناها عن رسول الله ص وعن السلف من أهل العلم تنبئ عن أن الخضر كان قبل موسى وفي أيامه، ويدل على خطإ قول من قَالَ: إنه أورميا بن خلقيا، لأن أورميا كان في ايام بختنصر، وبين عهدي موسى وبختنصر من المدة ما لا يشكل قدرها على أهل العلم بأيام الناس وأخبارهم، وإنما قدمنا ذكره وذكر خبره لأنه كان في عهد أفريدون فيما قيل، وإن كان قد أدرك على هذه الأخبار التي ذكرت من أمره وأمر موسى وفتاه أيام منوشهر وملكه، وذلك ان موسى انما نبئ في عهد منوشهر، وكان ملك منوشهر بعد ما ملك جده أفريدون، فكل ما ذكرنا من أخبار من ذكرنا أخباره من عهد ابراهيم الى الخبر عن الخضر ع، فإن ذلك كله- فيما ذكر- كان في ملك بيوراسب وأفريدون، وقد ذكرنا فيما مضى قبل أخبار أعمارهما ومبلغهما ومدة كل واحد منهما.