ثم نزل عن منبره، فلما صلى ودخل عليه الناس، وأخذوا مجالسهم، أخرج كتابا من تحت فراشه، فقرأه على الناس، فيه ذكر نصر بْن سيار وعبد الرحمن بن نعيم الغامدي وسورة بْن الحر الأباني- أبان بْن دارم- والبختري بْن أبي درهم من بني الحارث بْن عباد، فدعاهم فأنبهم، فأزم القوم، فلم يتكلم منهم أحد، فتكلم سورة، فذكر حاله وطاعته ومناصحته، وأنه ليس ينبغي له أن يقبل قول عدو مبطل، وأن يجمع بينهم وبين من قرفهم بالباطل فلم يقبل قوله، وأمر بهم فجردوا، فضرب عبد الرحمن بْن نعيم، فإذا رجل عظم البطن، أرسح، فلما ضرب التوى، وجعل سراويله يزل عن موضعه، فقام رجل من أهل بيته، فأخذ رداء له هرويا، وقام مادا ثوبه بيده، وهو ينظر إلى أسد، يريد أن يأذن له فيؤزره فأومى إليه أن أفعل، فدنا منه فأزره- ويقال بل أزره أبو نميلة- وقال له: اتزر أبا زهير، فإن الأمير وال مؤدب ويقال: بل ضربهم في نواحي مجلسه.
فلما فرغ قَالَ: أين تيس بني حمان؟ - وهو يريد ضربه، وقد كان ضربه قبل- فقال: هذا تيس بني حمان، وهو قريب العهد بعقوبة الأمير، وهو عامر بْن مالك بْن مسلمة بْن يزيد بْن حجر بْن خيسق بْن حمان بْن كعب بْن سعد وقيل إنه حلقهم بعد الضرب، ودفعهم إلى عبد ربه بْن أبي صالح مولى بني سليم- وكان من الحرس- وعيسى بن ابى بريق، ووجههم الى خالد، وكتب اليه: انهم أرادوا الوثوب عليه، فكان ابن ابى بريق كلما نبت شعر احدهم حلقه، وكان البختري بن أبي درهم، يقول: لوددت أنه ضربني وهذا شهرا- يعني نصر بْن سيار لما كان بينهما بالبروقان- فأرسل بنو تميم إلى نصر: إن شئتم انتزعناكم من أيديهم، فكفهم نصر، فلما قدم بهم على خالد لام أسدا وعنفه، وقال: ألا بعثت برءوسهم! فقال عرفجة التميمي:
فكيف وأنصار الخليفة كلهم ... عناة وأعداء الخليفة تطلق