ما كان فيه حقن الدماء وحمل أبا الصيداء إلى الأشرس، وحبس ثابت قطنة عنده، فلما حمل أبو الصيداء اجتمع أصحابه وولوا أمرهم أبا فاطمة، ليقاتلوا هانئا، فقال لهم: كفوا حتى أكتب إلى أشرس فيأتينا رأيه فنعمل بأمره فكتبوا إلى أشرس، فكتب أشرس: ضعوا عليهم الخراج، فرجع أصحاب أبي الصيداء، فضعف أمرهم، فتتبع الرؤساء منهم فأخذوا، وحملوا إلى مرو، وبقي ثابت محبوسا، وأشرك أشرس مع هانئ بْن هانئ سليمان بْن أبي السرى مولى بنى عوافه في الخراج، فألح هانئ والعمال في جباية الخراج، واستخفوا بعظماء العجم، وسلط المجشر عميرة بْن سعد على الدهاقين، فأقيموا وخرقت ثيابهم، وألقيت مناطقهم في أعناقهم، وأخذوا الجزية ممن أسلم من الضعفاء، فكفرت السغد وبخارى، واستجاشوا الترك، فلم يزل ثابت قطنة في حبس المجشر، حتى قدم نصر بْن سيار واليا على المجشر، فحمل ثابتا إلى أشرس مع إبراهيم بْن عبد الله الليثي فحبسه وكان نصر بن سيار ألطفه، وأحسن إليه، فمدحه ثابت قطنة، وهو محبوس عند أشرس فقال:
ما هاج شوقك من نوى وأحجار ... ومن رسوم عفاها صوب أمطار!
لم يبق منها ومن أعلام عرصتها ... إلا شجيج وإلا موقد النار
ومائل في ديار الحي بعدهم ... مثل الربيئة في أهدامه العاري
ديار ليلى قفار لا أنيس بها ... دون الحجون وأين الحجن من داري!
بدلت منها وقد شط المزار بها ... وادي المخافة لا يسري بها الساري
بين السماوة في حزم مشرقة ... ومعنق دوننا آذية جار
نقارع الترك ما تنفك نائحة ... منا ومنهم على ذي نجدة شار
إن كان ظني بنصر صادقا أبدا ... فيما ادبر من نقضي وامرارى
يصرف الجند حتى يستفي بهم ... نهبا عظيما ويحوي ملك جبار