ثم رجع إليه، فقال: رأيتهم طيبة أنفسهم، يتناشدون الأشعار، ويقرءون القرآن، فسره ذلك، وحمد الله.
قَالَ: ويقال نهضت العبيد يوم الشعب من جانب العسكر وقد أقبلت الترك والسغد ينحدرون، فاستقبلهم العبيد وشدوا عليهم بالعمد، فقتلوا منهم تسعة، فأعطاهم الجنيد أسلابهم.
لما رأوهم قليلا لا صريخ لهم ... مدوا بأيديهم لله وابتهلوا
وبايعوا رب موسى بيعة صدقت ... ما في قلوبهم شك ولا دغل
قَالَ: فأقام الجنيد بسمرقند ذلك العام، وانصرف خاقان إلى بخارى وعليها قطن بْن قتيبة، فخاف الناس الترك على قطن، فشاورهم الجنيد، فقال قوم: الزم سمرقند، واكتب إلى أمير المؤمنين يمدك بالجنود وقال قوم:
تسير فتأتي ربنجن، ثم تسير منها إلى كس، ثم تسير منها إلى نسف، فتتصل منها إلى أرض زم، وتقطع النهر وتنزل آمل، فتأخذ عليه بالطريق.
فبعث إلى عبد الله بْن أبي عبد الله، فقال: قد اختلف الناس علي- وأخبره بما قالوا- فما الرأي؟ فاشترط عليه ألا يخالفه فيما يشير به عليه من ارتحال أو نزول أو قتال، قَالَ: نعم، قَالَ: فإني أطلب إليك خصالا، قَالَ: وما هي؟ قَالَ: تخندق حيثما نزلت، ولا يفوتنك حمل الماء ولو كنت على شاطئ نهر، وأن تطيعني في نزولك وارتحالك فأعطاه ما اراد.
قال: اما ما اشار به عليك في مقامك بسمرقند حتى يأتيك الغياث، فالغياث يبطئ عنك، وإن سرت فأخذت بالناس غير الطريق فتت في أعضادهم،