فهم سهرب صاحب الطالقان بهم، ثم أمسك وتركهم فلما قدموا مرو أمرهم عاصم فخطبوا وتناولوا الحارث، وذكروا خبث سيرته وغدره ثم مضى الحارث إلى بلخ وعليها نصر، فقاتلوه، فهزم أهل بلخ ومضى نصر إلى مرو.
وذكر بعضهم: لما أقبل الحارث إلى بلخ وكان عليها التجيبي بْن ضبيعة المري ونصر بْن سيار، وولاهما الجنيد قَالَ: فانتهى إلى قنطرة عطاء وهي على نهر بلخ على فرسخين من المدينة، فتلقى نصر بْن سيار في عشرة آلاف والحارث بْن سريج في أربعة آلاف، فدعاهم الحارث إلى الكتاب والسنة والبيعه للرضا، فقال قطن بْن عبد الرحمن بْن جزي الباهلي: يا حارث، أنت تدعو إلى كتاب الله والسنة، والله لو أن جبريل عن يمينك وميكائيل عن يسارك ما أجبتك، فقاتلهم فأصابته رمية في عينه، فكان أول قتيل.
فانهزم أهل بلخ إلى المدينة، وأتبعهم الحارث حتى دخلها، وخرج نصر من باب آخر، فأمر الحارث بالكف عنهم، فقال رجل من أصحاب الحارث: إني لأمشي في بعض طرق بلخ إذ مررت بنساء يبكين وامرأة تقول: يا أبتاه! ليت شعري من دهاك! وأعرابي إلى جنبي يسير، فقال:
من هذه الباكية؟ فقيل له: ابنة قطن بْن عبد الرحمن بْن جزي، فقال الأعرابي: أنا وأبيك دهيتك، فقلت: أنت قتلته؟ قَالَ: نعم.
قَالَ: ويقال: قدم نصر والتجيبي على بلخ، فحبسه نصر، فلم يزل محبوسا حتى هزم الحارث نصرا، وكان التجيبي ضرب الحارث أربعين سوطا في إمرة الجنيد، فحوله الحارث إلى قلعة باذكر بزم، فجاء رجل من بني حنيفة فادعى عليه أنه قتل أخاه أيام كان على هراة، فدفعه الحارث إلى الحنفي، فقال له التجيبي: أفتدي منك بمائة ألف، فلم يقبل منه وقتله وقوم يقولون: قتل التجيبي في ولاية نصر قبل أن يأتيه الحارث.
قَالَ: ولما غلب الحارث علي بلخ استعمل عليها رجلا من ولد عبد الله ابن خازم، وسار، فلما كان بالجوزجان دعا وابصة بْن زرارة العبدي، ودعا دجاجة ووحشا العجليين وبشر بْن جرموز وأبا فاطمة، فقال: