للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسمائة، فكان لا يمر بقرية من قرى خراسان إلا قَالَ: كأنكم بي قد مررت راجعا حاملا رأس الحارث بْن سريج، فلما التقوا دعا إلى البراز، فبرز له الحارث بْن سريج، فضربه فوق منكبه الأيسر فصرعه، وحامى عليه أصحابه فحملوه فخولط، فكان يقول: يا أبرشهر الحارث بْن سريجاه! يا أصحاب المعموراه! ورمى فرس الحارس بْن سريج في لبانه، فنزع النشابة، واستحضره وألح عليه بالضرب حتى نزقه وعرقه، وشغله عن ألم الجراحة.

قَالَ: وحمل عليه رجل من أهل الشام، فلما ظن أن الرمح مخالطه، مال عن فرسه واتبع الشامي، فقال له: أسألك بحرمة الإسلام في دمي! قَالَ:

انزل عن فرسك، فنزل وركبه الحارث، فقال الشامي: خذ السرج، فو الله إنه خير من الفرس، فقال رجل من عبد القيس:

تولت قريش لذة العيش واتقت ... بنا كل فج من خراسان أغبرا

فليت قريشا أصبحوا ذات ليلة ... يعومون في لج من البحر أخضرا

قَالَ: وعظم أهل الشام يحيى بْن حضين لما صنع في أمر الكتاب الذي كتبه عاصم، وكتبوا كتابا، وبعثوا مع محمد بْن مسلم العنبري ورجل من أهل الشام، فلقوا أسد بْن عبد الله بالري- ويقال: لقوه ببيهق- فقال:

ارجعوا فإني أصلح هذا الأمر، فقال له محمد بْن مسلم: هدمت داري، فقال: أبنيها لك، وأرد عليكم كل مظلمة.

قَالَ: وكتب أسد إلى خالد ينتحل أنه هزم الحارث، ويخبره بأمر يحيى.

قَالَ: فأجاز خالد يحيى بْن حضين بعشرة آلاف دينار وكساه مائة حله.

قَالَ: وكانت ولاية عاصم أقل من سنة- قيل كانت سبعة أشهر- وقدم اسد ابن عبد الله وقد انصرف الحارث، فحبس عاصما وسأله عما أنفق، وحاسبه فأخذه بمائة ألف درهم، وقال: إنك لم تغز ولم تخرج من مرو، ووافق عمارة بْن حريم وعمال الجنيد محبوسين عنده، فقال لهم: أسير فيكم بسيرتنا أم بسيره قومكم؟ قالوا: بسيرتك، فخلى سبيلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>