يده فرجي، فإذا كان كذلك قود وقدم، وإن الله جعل صفات هؤلاء الثلاثة الذين أكلنا الدنيا بهم أربعمائة سنة فيك أيها الأمير، وما نعلم أحدا هو أتم كتخدانية منك، إنك ضبطت أهل بيتك وحشمك ومواليك، فليس منهم أحد يستطيع أن يتعدى على صغير ولا كبير، ولا غنى ولا فقير، فهذا تمام الكتخدانية، ثم بنيت الإيوانات في المفاوز، فيجيء الجائي من المشرق والآخر من المغرب، فلا يجدان عيبا إلا أن يقولا: سبحان الله ما أحسن ما بني! ومن يمن نقيبتك أنك لقيت خاقان وهو في مائة ألف، معه الحارث ابن سريج فهزمته وفللته، وقتلت أصحابه، وأبحت عسكره وأما رحب صدرك وبسط يدك، فإنا ما ندري أي المالين أقر لعينك؟ أمال قدم عليك، أم مال خرج من عندك! بل أنت بما خرج أقر عينا فضحك أسد، وقال:
أنت خير دهاقين خراسان وأحسنهم هدية، وناوله تفاحة كانت في يده، وسجد له دهقان هراة، وأطرق أسد ينظر إلى تلك الهدايا، فنظر عن يمينه، فقال: يا عذافر بْن يزيد، مر من يحمل هذا القصر الذهب، ثم قَالَ:
يا معن بْن أحمر رأس قيس- أو قَالَ قنسرين- مر بهذا القصر يحمل، ثم قَالَ: يا فلان خذ إبريقا، ويا فلان خذ إبريقا، وأعطى الصحاف حتى بقيت صحفتان، فقال: قم يا بن الصيداء، فخذ صحيفة، قَالَ:
فأخذ واحدة فرزنها فوضعها، ثم أخذ الأخرى فرزنها، فقال له أسد: ما لك؟
قَالَ: آخذ أرزنهما، قَالَ: خذهما جميعا، وأعطى العرفاء وأصحاب البلاء، فقام أبو اليعفور- وكان يسير أمام صاحب خراسان في المغازي- فنادى: هلم إلى الطريق، فقال أسد: ما أحسن ما ذكرت بنفسك! خذ ديباجتين، وقام ميمون العذاب فقال: إلي، إلى يساركم، إلى الجادة، فقال:
ما أحسن ما ذكرت نفسك! خذ ديباجة، قَالَ: فأعطى ما كان في السماط كله، فقال نهر بْن توسعة:
تقلون إن نادى لروع مثوب ... وأنتم غداة المهرجان كثير