للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَحْرِ ودَوَابِّهِ فَانْطَلَقَ بِهِ الْمَاءُ حَتَّى أَوْفَى بِهِ عِنْدَ فُرْضَةِ مُسْتَقَى جَوَارِي آلِ فِرْعَوْنَ، فَرَأَيْنَهُ فَأَخَذْنَهُ، فَهَمَمْنَ أَنْ يَفْتَحْنَ التَّابُوتَ، فَقَالَ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: إِنَّ فِي هَذَا مَالًا، وَإِنَّا إِنْ فَتَحْنَاهُ لَمْ تُصَدِّقْنَا امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ بِمَا وَجَدْنَا فِيهِ، فَحَمَلْنَهُ كَهَيْئَتِهِ لَمْ يُحَرِّكْنَ مِنْهُ شيئا حتى دفعنه إليها، فلما فتحته رَأَتْ فِيهِ الْغُلَامَ، فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَحَبَّةً لَمْ يُلْقَ مِثْلُهَا مِنْهَا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الناس، «وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً» مِنْ ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى.

فَلَمَّا سَمِعَ الذَّبَّاحُونَ بِأَمْرِهِ أَقْبَلُوا إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ بِشِفَارِهِمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَذْبَحُوهُ- وَذَلِكَ من الفتون يا بن جُبَيْرٍ- فَقَالَتْ: لِلذَّبَّاحِينَ: انْصَرِفُوا، فَإِنَّ هَذَا الْوَاحِدَ لَا يَزِيدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَآتِي فِرْعَوْنَ فَأَسْتَوْهِبُهُ إِيَّاهُ، فَإِنْ وَهَبَهُ لِي كُنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ، وَإِنْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ لَمْ أَلُمْكُمْ فلما أتت به فرعون قالت: «قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ» ، قَالَ فِرْعَوْنُ: يَكُونُ لَكِ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا حَاجَةَ لِي فيه، [فقال رسول الله ص: وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ، لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ كَمَا أَقَرَّتْ بِهِ لَهَدَاهُ اللَّهُ بِهِ، كَمَا هَدَى بِهِ امْرَأَتَهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَرَمَهُ ذَلِكَ] .

فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنْ كُلِّ أُنْثَى لَهَا لَبَنٌ لِتَخْتَارَ لَهُ ظِئْرًا، فَجَعَلَ كُلَّمَا أَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ لِتُرْضِعَهُ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَهَا، حَتَّى أَشْفَقَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللَّبَنِ فَيَمُوتَ، فَحَزَّنَهَا ذَلِكَ، فَأَمَرَتْ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى السُّوقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>