للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختار خيرهما، قال: اتختار أيضا خيرهما وتدع شرهما لي! دعهما ونحن نعطيك اربعين درهما او خمسين درهما قَالَ: وأقطع هشام أرضا يقال لها دورين، فأرسل في قبضها، فإذا هي خراب، فقال لذويد كاتب كان بالشام: ويحك! كيف الحيلة؟ قال:

ما تجعل لي؟ قال: أربعمائة دينار، فكتب دورين وقراها، ثم أمضاها في الدواوين، فأخذ شيئا كثيرا، فلما ولي هشام دخل عليه ذويد، فقال له هشام: دورين وقراها! لا والله لا تلي لي ولاية أبدا، وأخرجه من الشام.

حدثني أحمد، قَالَ: حدثنا علي، عن عمير بْن يزيد، عن أبي خالد، قَالَ: حدثني الوليد بْن خليد، قَالَ: رآني هشام بْن عبد الملك، وأنا على برذون طخاري، فقال: يا وليد بْن خليد، ما هذا البرذون؟ قلت:

حملني عليه الجنيد، فحسدني وقال: والله لقد كثرت الطخارية، لقد مات عبد الملك فما وجدنا في دوابه برذونا طخاريا غير واحد، فتنافسه بنو عبد الملك أيهم يأخذه، وما منهم أحد إلا يرى أنه إن لم يأخذه لم يرث من عبد الملك شيئا.

قَالَ: وقال بعض آل مروان لهشام: أتطمع في الخلافة وأنت بخيل جبان؟ قَالَ: ولم لا أطمع فيها وأنا حليم عفيف! قَالَ: وقال هشام يوما للأبرش: او ضعت أعنزك؟ قَالَ: إي والله، قَالَ: لكن أعنزي تأخر ولادها، فاخرج بنا إلى أعنزك نصب من ألبانها، قَالَ: نعم، أفأقدم قوما؟ قَالَ: لا، قَالَ: أفأقدم خباء حتى يضرب لنا؟ قَالَ:

نعم، فبعث برجلين بخباء فضرب، وغدا هشام والأبرش وغدا الناس، فقعد هشام والأبرش، كل واحد منهما على كرسي، وقدم إلى كل واحد منهما شاة، فحلب هشام الشاة بيده، وقال: تعلم يا أبرش أني لم أبس الحلب! ثم أمر بملة فعجنت وأوقد النار بيده، ثم فحصها وألقى الملة، وجعل يقلبها بالمحراث، ويقول: يا أبرش، كيف ترى رفقي! حتى نضجت ثم أخرجها،

<<  <  ج: ص:  >  >>