وكان سبب نزوله إياها- فيما حدثني أحمد بْن زهير بْن حرب، عن علي بْن محمد- قال: كان الخلفاء وأبناء الخلفاء يتبدون ويهربون من الطاعون، فينزلون البرية خارجا عن الناس، فلما أراد هشام أن ينزل الرصافة قيل له: لا تخرج، فإن الخلفاء لا يطعنون، ولم نر خليفة طعن، قَالَ:
أتريدون أن تجربوا بي! فنزل الرصافة وهي برية، ابتنى بها قصرين.
والرصافة مدينة رومية بنتها الروم وكان هشام الأحول، فحدثني أحمد، عن علي، قَالَ: بعث خالد بْن عبد الله إلى هشام بْن عبد الملك بحاد فحدا بين يديه بأرجوزة أبي النجم:
والشمس في الأفق كعين احول ... صغواء قد همت ولما تفعل
فغضب هشام وطرده.
وحدثني أحمد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم الضبي، قَالَ: مر بي معاوية بْن هشام، وأنا أنظر إليه في رحبة أبي شريك- وأبو شريك رجل من العجم كانت تنسب إليه وهي مزرعة- وقد اختبز خبزه، فوقف علي، فقلت: الغداء! فنزل وأخرجتها، فوضعتها في لبن، فأكل ثم جاء الناس، فقلت: من هذا؟ قالوا: معاويه بن هشام، فامر لي بصلة وركب وثار بين يديه ثعلب، فركض خلفه، فما تبعه غلوة، حتى عثر به فرسه فسقط فاحتملوه ميتا، فقال هشام: تالله لقد أجمعت أن أرشحه للخلافة، ويتبع ثعلبا! قَالَ: وكانت عند معاوية بْن هشام ابنة إسماعيل بْن جرير وامرأة أخرى، فأخرج هشام كل واحدة منهما من نصف الثمن بأربعين ألفا.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا، عَلِيُّ، قَالَ: قَالَ قحذم كاتب يوسف: بعثني يوسف بْن عمر إلى هشام بياقوتة حمراء يخرج طرفاها من كفى، وحبه لؤلؤ اعظم ما يكون من الحب، فدخلت عليه فدنوت منه، فلم أر وجهه من طول السرير وكثرة الفرش، فتناول الحجر والحبه، فقال: