لشيء، ولا صلاح له إلا بالطاعة التي يحفظ الله بها حقه، ويمضي بها أمره، وينكل بها عن معاصيه، ويوقف عن محارمه، ويذب عن حرماته، فمن أخذ بحظه منها كان لله وليا ولأمره مطيعا، ولرشده مصيبا، ولعاجل الخير وآجله مخصوصا، ومن تركها ورغب عنها وحاد الله فيها أضاع نصيبه، وعصى ربه، وخسر دنياه وآخرته، وكان ممن غلبت عليه الشقوة، واستحوذت عليه الأمور الغاوية، التي تورد أهلها أفظع المشارع، وتقودهم إلى شر المصارع، فيما يحل الله بهم في الدنيا من الذلة والنقمة، ويصيرهم فيما عندهم من العذاب والحسرة.
والطاعة رأس هذا الأمر وذروته وسنامه وملاكه وزمامه، وعصمته وقوامه، بعد كلمة الإخلاص التي ميز الله بها بين العباد وبالطاعة نال المفلحون من الله منازلهم، واستوجبوا عليه ثوابهم، وفي المعصية مما يحل بغيرهم من نقماته، ويصيبهم عليه، ويحق من سخطه وعذابه، وبترك الطاعة والإضاعة لها والخروج منها والادبار عنها والتبذل للمعصية بها، أهلك الله من ضل وعتا، وعمى وغلا، وفارق مناهج البر والتقوى.
فالزموا طاعة الله فيما عراكم ونالكم، وألم بكم من الأمور، وناصحوها واستوثقوا عليها، وسارعوا إليها وخالصوها، وابتغوا القربة إلى الله بها، فإنكم قد رأيتم مواقع الله لأهلها في إعلائه إياهم وإفلاجه حجتهم، ودفعه باطل من حادهم وناواهم وساماهم وأراد إطفاء نور الله الذي معهم وخبرتم مع ذلك ما يصير إليه أهل المعصية من التوبيخ لهم والتقصير بهم، حتى يؤول أمرهم إلى تبار وصغار، وذلة وبوار، وفي ذلك لمن كان له رأي وموعظة عبرة ينتفع بواضحها، ويتمسك بحظوتها، ويعرف خيرة قضاء الله لأهلها.
ثم إن الله- وله الحمد والمن والفضل- هدى الأمة لأفضل الأمور عاقبة لها في حقن دمائها، والتئام ألفتها، واجتماع كلمتها، واعتدال عمودها،