إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ» ، ثُمَّ قَالَ: «رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» فاصبح في المدينة خائفا يترقب الْأَخْبَارَ، فَأَتَى فِرْعَوْنَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا، وَلَا تُرَخِّصْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ابْغُونِي قَاتِلَهُ، وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ نَقْضِيَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبْتٍ فَطَلَبُوا لَهُ ذَلِكَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لَا يَجِدُونَ بَيِّنَةً، إِذْ مَرَّ مُوسَى مِنَ الْغَدِ، فَرَأَى ذَلِكَ الْإِسْرَائِيلِيَّ يُقَاتِلُ فِرْعَوْنِيًّا، فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ، فَصَادَفَ مُوسَى وَقَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ بِالْأَمْسِ، وَكَرِهَ الَّذِي رَأَى، فَغَضِبَ مُوسَى فَمَدَّ يَدَهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بِالْفِرْعَوْنِيِّ، فَقَالَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فعل بالأمس واليوم: «إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ» .
فَنَظَرَ الْإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى بَعْدَ مَا قَالَ مَا قَالَ، فَإِذَا هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالْأَمْسِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْفِرْعَوْنِيَّ، فَخَافَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَا قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ» ، أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ- وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ- فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيُّ فَحَاجَزَ الْفِرْعَوْنِيَّ، وقال: يَا مُوسَى «أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ» ! وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلَهُ، فَتَتَارَكَا، فَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ، حِينَ يَقُولُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ» ! فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ، وَسَلَكَ مُوسَى الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ وَطَلَبُوهُ وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، فَاخْتَصَرَ طَرِيقًا قَرِيبًا حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، وَذَلِكَ مِنَ الفتون يا بن جُبَيْرٍ.
ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ السُّدِّيِّ قال: «فلما وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute