فيكون معه، فلقي منصور بْن جمهور الرسول، فسأله عن الأمر فأخبره، فقال له منصور: قل له: والله لئن رحلت من موضعك قبل طلوع الفجر لأقتلنك ومن معك، فإذا أصبح فليأخذ حيث أحب فأقام العباس يتهيأ، فلما كان في السحر سمعنا تكبير أصحاب عبد العزيز قد أقبلوا إلى البخراء، فخرج خالد بْن عثمان المخراش، فعبأ الناس، فلم يكن بينهم قتال حتى طلعت الشمس، وكان مع أصحاب يزيد بْن الوليد كتاب معلق في رمح، فيه:
إنا ندعوكم إِلَى كتاب اللَّه وسنة نبيه ص، وأن يصير الأمر شورى فاقتتلوا فقتل عثمان الخشبي، وقتل من أصحاب الوليد زهاء ستين رجلا، وأقبل منصور بْن جمهور على طريق نهيا، فأتى عسكر الوليد من خلفهم، فأقبل الى الوليد وهو في فسطاطه، ليس بينه وبين منصور أحد.
فلما رأيته خرجت أنا وعاصم بْن هبيرة المعافري خليفة المخراش، فانكشف أصحاب عبد العزيز، ونكص أصحاب منصور، وصرع سمي بْن المغيرة وقتل، وعدل منصور إلى عبد العزيز وكان الأبرش على فرس له يدعى الأديم، عليه قلنسوة ذات أذنين، قد شدها تحت لحيته، فجعل يصيح بابن أخيه:
يا بن اللخناء، قدم رايتك، فقال له: لا أجد متقدما، إنها بنو عامر.
وأقبل العباس بْن الوليد فمنعه أصحاب عبد العزيز، وشد مولى لسليمان بْن عبد الله بْن دحية- يقال له التركي- على الحارس بْن العباس بْن الوليد، فطعنه طعنه اذراه عن فرسه، فعدل العباس إلى عبد العزيز، فأسقط في أيدي أصحاب الوليد وانكسروا فبعث الوليد بْن يزيد الوليد بْن خالد إلى عبد العزيز بْن الحجاج بأن يعطيه خمسين ألف دينار، ويجعل له ولاية حمص ما بقي، ويؤمنه على كل حدث، على أن ينصرف ويكف، فأبى ولم يجبه، فقال له الوليد: ارجع إليه فعاوده أيضا، فأتاه الوليد فلم يجبه إلى شيء، فانصرف الوليد، حتى إذا كان غير بعيد عطف دابته، فدنا من عبد العزيز، فقال له: أتجعل لي خمسة آلاف دينار وللأبرش مثلها، وأن أكون كأخص رجل من قومي منزلة وآتيك، فأدخل معك فيما دخلت فيه؟
فقال له عبد العزيز: على أن تحمل الساعة على أصحاب الوليد، ففعل وكان