خالد والرائقة وجميع النساء والصبيان، ثم ظهر على أبي العمرس، فأخذ ومن كان معه فكتب الوليد بْن عبد الرحمن عامل خراج دمشق إلى هشام يخبره بأخذ أبي العمرس ومن كان معه، سماهم رجلا رجلا، ونسبهم إلى قبائلهم وأمصارهم، ولم يذكر فيهم أحد من موالي خالد، فكتب هشام إلى كلثوم يشتمه ويعنفه، ويأمره بتخلية سبيل جميع من حبس منهم، فأرسلهم جميعا واحتبس الموالي رجاء أن يكلمه فيهم خالد إذا قدم من الصائفة فلما أقبل الناس وخرجوا عن الدرب بلغ خالدا حبس أهله، ولم يبلغه تخليتهم، فدخل يزيد بْن خالد في غمار الناس حتى أتى حمص، وأقبل خالد حتى نزل منزله من دمشق، فلما أصبح أتاه الناس، فبعث الى ابنتيه: زينب وعاتكة، فقال: إني قد كبرت وأحببت أن تليا خدمتي، فسرتا بذلك- ودخل عليه إسماعيل أخوه ويزيد وسعيد ابناه، وأمر بالإذن، فقامت ابنتاه لتتنحيا، فقال:
وما لهما تتنحيان، وهشام في كل يوم يسوقهن إلى الحبس! فدخل الناس، فقام إسماعيل وابناه دون ابنتيه يسترونهما فقال خالد: خرجت غازيا في سبيل الله، سامعا مطيعا، فخلفت في عقبي وأخذ حرمي وحرم أهل بيتي، فحبسوا مع أهل الجرائم كما يفعل بأهل الشرك! فما منع عصابة منكم أن تقوم فتقول: علام حبس حرم هذا السامع المطيع! أخفتم أن تقتلوا جميعا! أخافكم الله! ثم قَالَ: ما لي ولهشام! ليكفن عني هشام أو لأدعون إلى عراقي الهوى شامي الدار حجازي الأصل- يعني محمد بن على بن عبد الله ابن عباس- وقد أذنت لكم أن تبلغوا هشاما فلما بلغه ما قَالَ، قَالَ:
خرف أبو الهيثم.
وذكر أبو زيد أن أحمد بْن معاوية حدثه عن أبي الخطاب، قَالَ:
قَالَ خالد: أما والله، لئن ساء صاحب الرصافة- يعني هشاما- لننصبن لنا الشامي الحجازي العراقي، ولو نخر نخرة تداعت من أقطارها.