للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل كريم، والله يحبك وأنا أحبك لحب الله إياك، حتى عدد عشر خصال، ولكن أعظم من ذلك قيام ابن شقي الحميري إلى أمير المؤمنين، وقوله:

يا أمير المؤمنين، خليفتك في أهلك أكرم عليك أم رسولك؟ فقال أمير المؤمنين:

بل خليفتي في أهلي، فقال ابن شقي: فأنت خليفة الله ومحمد رسوله، ولعمري لضلالة رجل من بجيلة إن ضل أهون على العامة والخاصة من ضلال أمير المؤمنين فأقرأ الأبرش هشاما كتابه، فقال خرف أبو الهيثم.

فأقام خالد بدمشق خلافة هشام حتى هلك، فلما هلك هشام، وقام الوليد، قدم عليه أشراف الأجناد، فيهم خالد، فلم يأذن لأحد منهم، واشتكى خالد، فاستأذن فأذن له، فرجع الى دمشق، فأقام أشهرا، ثم كتب إليه الوليد: إن أمير المؤمنين قد علم حال الخمسين الالف الف، التي تعلم، فأقدم على أمير المؤمنين مع رسوله، فقد أمره ألا يعجلك عن جهاز.

فبعث خالد إلى عدة من ثقاته، منهم عمارة بْن أبي كلثوم الأزدي، فأقرأهم الكتاب، وقال: أشيروا علي، فقالوا: إن الوليد ليس بمأمون عليك، فالرأي ان تدخل دمشق، فتأخذ بيوت الأموال وتدعو إلى من أحببت، فأكثر الناس قومك، ولن يختلف عليك رجلان، قَالَ: أو ماذا؟ قالوا: تأخذ بيوت الأموال، وتقيم حتى تتوثق لنفسك، قال: أو ماذا؟ قالوا: او تتوارى.

قَالَ: أما قولكم: تدعو إلى من أحببت، فإني أكره أن تكون الفرقة والاختلاف على يدي، وأما قولكم: تتوثق لنفسك، فأنتم لا تأمنون علي الوليد، ولا ذنب لي، فكيف ترجون وفاءه لي وقد أخذت بيوت الأموال! واما التوارى، فو الله.

ما قنعت رأسي خوفا من أحد قط، فالآن وقد بلغت من السن ما بلغت! لا، ولكن أمضي وأستعين الله فخرج حتى قدم على الوليد، فلم يدع به، ولم يكلمه وهو في بيته، معه مواليه وخدمه، حتى قدم برأس يحيى بْن زيد من خراسان، فجمع الناس في رواق، وجلس الوليد، وجاء الحاجب فوقف، فقال له خالد:

إن حالي ما ترى، لا أقدر على المشي، وإنما أحمل في كرسي، فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>