جالس ناحية، وهو يقول: ما ذنبي إن كان ابو الزعفران جاء! فو الله ما واريته ولا أعلم مكانه وقد كانت الأزد يوم حبس الكرماني أرادت أن تنزعه من رسله، فناشدهم الله الكرماني ألا يفعلوا، ومضى مع رسل سلم بْن أحوز، وهو يضحك، فلما حبس تكلم عبد الملك بْن حرملة اليحمدي والمغيرة بْن شعبة وعبد الجبار بْن شعيب بْن عباد وجماعة من الأزد، فنزلوا نوش، وقالوا:
لا نرضى أن يحبس الكرماني بغير جناية ولا حدث، فقال لهم شيوخ من اليحمد: لا تفعلوا وانظروا ما يكون من أميركم، فقالوا: لا نرضى، ليكفن عنا نصر أو لنبدأن بكم وأتاهم عبد العزيز بْن عباد بْن جابر بْن همام بْن حنظلة اليحمدي في مائة، ومحمد بْن المثنى وداود بْن شعيب، فباتوا بنوش مع عبد الملك بْن حرملة ومن كان معه، فلما أصبحوا أتوا حوزان، وأحرقوا منزل عزة أم ولد نصر- وأقاموا ثلاثة أيام، وقالوا: لا نرضى، فعند ذلك صيروا عليه الأمناء، فجعلوا معه يزيد النحوي وغيره، فجاء رجل من أهل نسف، فقال لجعفر غلام الكرماني: ما تجعلون لي إن أخرجته؟
قالوا: لك ما سألت، فأتى مجرى الماء من القهندز فوسعه، وأتى ولد الكرماني، وقال لهم: اكتبوا إلى أبيكم يستعد الليلة للخروج، فكتبوا إليه، وأدخلوا الكتاب في الطعام، فدعا الكرماني يزيد النحوي وحصين بْن حكيم فتعشيا معه وخرجا، ودخل الكرماني السرب، فأخذوا بعضده، فانطوت على بطنه حية فلم تضره، فقال بعض الأزد: كانت الحية أزدية فلم تضره.
قَالَ: فانتهى إلى موضع ضيق فسحبوه فسحج منكبه وجنبه، فلما خرج ركب بغلته دوامة- ويقال: بل ركب فرسه البشير- والقيد في رجله، فأتوا به قرية تسمى غلطان، وفيها عبد الملك بْن حرملة، فأطلق عنه.
قَالَ علي: وقال أبو الوليد زهير بْن هنيد العدوي: كان مع الكرماني غلامه بسام، فرأى خرقا على القهندز، فلم يزل يوسعه حتى أمكنه الخروج منه.
قَالَ: فأرسل الكرماني إلى محمد بْن المثنى وعبد الملك بْن حرملة: إني خارج