بذلك إلا الإنذار إليك فقال الكرماني: إني أعلم أن نصرا لم يقل هذا لك ولكنك اردت ان يبلغه فتحظى، والله لا أكلمك كلمة بعد انقضاء كلامي حتى ترجع إلى منزلك، فيرسل من أحب غيرك فرجع عصمة، وقال:
ما رأيت علجا أعدى لطوره من الكرماني، وما أعجب منه، ولكن من يحيى بن حصين لعنهم الله! والله لهم أشد تعظيما له من اصحابه قال سلم ابن أحوز: إني أخاف فساد هذا الثغر والناس، فأرسل إليه قديدا وقال نصر لقديد بْن منيع: انطلق إليه، فأتاه فقال له: يا أبا علي، لقد لججت وأخاف أن يتفاقم الأمر فنهلك جميعا، وتشمت بنا هذه الأعاجم، فقال:
يا قديد، إني لا أتهمك، وقد جاء ما لا أثق بنصر معه، [وقد قال رسول الله ص: البكري أخوك ولا تثق به،] قَالَ: أما إذ وقع هذا في نفسك فأعطه رهنا، قَالَ: من؟ قَالَ: أعطه عليا وعثمان، قَالَ: فمن يعطيني؟ ولا خير فيه، قَالَ: يا أبا علي، أنشدك الله أن يكون خراب هذه البلدة على يديك ورجع إلى نصر، فقال لعقيل بْن معقل الليثي: ما أخوفني أن يقع بهذا الثغر بلاء، فكلم ابن عمك، فقال عقيل لنصر: أيها الأمير، أنشدك الله أن تشأم عشيرتك، إن مروان بالشام تقاتله الخوارج، والناس في فتنه والأزد سفهاء وهم جيرانك.
قَالَ: فما أصنع؟ إن علمت أمرا يصلح الناس فدونك، فقد عزم أنه لا يثق بي قَالَ: فأتى عقيل الكرماني، فقال: أبا علي، قد سننت سنة تطلب بعدك من الأمراء، إني أرى أمرا أخاف ان تذهب فيه العقول، قَالَ الكرماني:
إن نصرا يريد أن آتيه ولا آمنه، ونريد أن يعتزل ونعتزل، ونختار رجلا من بكر بْن وائل، نرضاه جميعا، فيلي أمرنا جميعا حتى يأتي أمر من الخليفة، وهو يأبى هذا قَالَ: يا أبا علي، إني أخاف أن يهلك أهل هذا الثغر، فأت أميرك وقل ما شئت تجب إليه، ولا تطمع سفهاء قومك فيما دخلوا فيه، فقال الكرماني: إني لا اتهمك في نصيحه ولا عقل، ولكني لا أثق بنصر، فليحمل من مال خراسان ما شاء ويشخص قَالَ: فهل لك في أمر يجمع الأمر بينكما؟ تتزوج إليه ويتزوج إليك، قَالَ: لا آمنه على حال،