ووجه إبراهيم بْن الوليد الجنود مع سليمان بْن هشام، فسار بهم حتى نزل عين الجر، وأتاه مروان وسليمان في عشرين ومائة ألف فارس ومروان في نحو من ثمانين ألفا فالتقيا، فدعاهم مروان إلى الكف عن قتاله، والتخلية عن ابني الوليد: الحكم وعثمان، وهما في سجن دمشق محبوسان، وضمن عنهما ألا يؤاخذاهم بقتلهم أباهما، وألا يطلبا أحدا ممن ولي قتله، فأبوا عليه، وجدوا في قتاله، فاقتتلوا ما بين ارتفاع النهار إلى العصر، واستحر القتل بينهم، وكثر في الفريقين وكان مروان مجربا مكايدا، فدعا ثلاثة نفر من قواده- أحدهم أخ لإسحاق بْن مسلم يقال له عيسى- فأمرهم بالمسير خلف صفه في خيله وهم ثلاثة آلاف، ووجه معهم فعله بالفؤوس، وقد ملأ الصفان من أصحابه وأصحاب سليمان بْن هشام ما بين الجبلين المحيطين بالمرج، وبين العسكرين نهر جرار، وأمرهم إذا انتهوا إلى الجبل أن يقطعوا الشجر، فيعقدوا جسورا، ويجوزوا إلى عسكر سليمان، ويغيروا فيه.
قَالَ: فلم تشعر خيول سليمان وهم مشغولون بالقتال إلا بالخيل والبارقة والتكبير في عسكرهم من خلفهم، فلما رأوا ذلك انكسروا، وكانت هزيمتهم، ووضع أهل حمص السلاح فيهم لحردهم عليهم، فقتلوا منهم نحوا من سبعة عشر ألفا، وكف أهل الجزيرة وأهل قنسرين عن قتلهم، فلم يقتلوا منهم أحدا، وأتوا مروان من أسرائهم بمثل عدة القتلى وأكثر، واستبيح عسكرهم.
فأخذ مروان عليهم البيعة للغلامين: الحكم وعثمان، وخلى عنهم بعد أن قواهم.
بدينار دينار، وألحقهم بأهاليهم، ولم يقتل منهم إلا رجلين يقال لأحدهما يزيد بن العقار وللآخر الوليد بْن مصاد الكلبيان، وكانا فيمن سار إلى الوليد وولي قتله وكان يزيد بْن خالد بْن عبد الله القسري معهم، فسار حتى هرب فيمن هرب مع سليمان بْن هشام إلى دمشق، وكان أحدهما- يعني الكلبيين- على حرس يزيد والآخر على شرطه، فإنه ضربهما في موقفه ذلك بالسياط، ثم أمر بهما فحبسا فهلكا في حبسه.
قَالَ: ومضى سليمان ومن معه من الفل حتى صبحوا دمشق، واجتمع